الاثنين، 25 أبريل 2016

حديث الإثنين | الحلقة 130 (البصّار الجديد):
حديث الإثنين | الحلقة 130 (البصّار الجديد):
لم تكد العقول تتطهر من زيغ الكهنة المغرضين للدين حتى يأتي مشوشون جدد يستغلون ضعف الناس، وجهلهم، فاستخفوا هوانهم بهوان أنكل مما هم عليه من أمراض نفسية أو جسدية أو سمها ما شئت من أوهام وقرت في مخيلتهم بوساوس شيطانية فاستوطنتها أذهانهم أنها حقائق يقينية.
حديث الإثنين | الحلقة 130 (البصّار الجدد):

ولم تكن غايات هؤلاء متسلطة على تشويه العقيدة فحسب كما كان أسلافهم، وإنما طالت لتنال أعراض الناس وأموالهم وقناعاتهم، بل الأنكل من ذلك أنهم تستروا بستار الدين ليقضوا به مآربهم من أوسع نافذة يطلون من خلالها على أفئدة الناس، وهذا لعمر الله هو أسوأ أنواع الرياء وهو استغلال الدين لأجل أغراض أخرى.
ولم أكن بحديثي هذا لأنقل لك أيها القارئ الحصيف مما توارد علي من أخبار الناس ولكني أنقله إليك مما رأته عيناي التي سؤسأل عنها ذات يوم فيما رأت؟، وهي أمانة وجب علي التحذير عنها، وإنه ليحزنني أن بعض المتأثرين بهم سيقرؤن مقالي وربما سيأخذون علي مأخذا وهو أمر -نعم- يعز على نفسي غير أنني أقدم غيرتي على الدين وأقدم تحذيري للناس من مغبة الوقوع في شَرَك أشباحهم المضلة وأوهامهم الخاطئة، ولعلهم يرجعون إلى رشدهم وصوابهم. فقبل مدة ليست بقريبة حاول أحد رفاقي إقناعي بالمشاركة في جلسة أذكار يتجمع فيها بعض رفاقه بمعية أحد مشايخهم -كما يزعم- وأقنعني أن الأمر كله أذكار في أذكار، فقلت في نفسي هي تجربة لا بأس بمعاينتها. وعندما دخلنا عليهم وكنت أتصور أن الحاضرين أصحاب التزام ديني كما كنا نعهدهم، وأن الشيخ الذي يتحلقون حوله صاحب لحية مهابة وعمامة بيضاء و وقار، فإذا بهم مجموعة شباب لا لهم وصف بذلك أبدا، ثم بعد الجلوس سمعتهم ينادون واحدا فيهم بالشيخ وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره فعرفت أنه الشيخ المزعوم. وقبل بدء جلسة الذكر أمر شيخهم بأن يقرأوا آية الكرسي، فقرأناها ثم أمر بقراءة المعوذات ففعلنا، ثم أمر بشيء عجيب وهو أن يستحضر كل واحد في قلبه الشيخ فلان (وهو رجل من دولة إفريقية هو من علمهم هذا) وكانوا قد استأذنوه لأجل إقامة هذه الجلسة، وأظن أني همست لصاحبي ما هذا فأشر إلي بعدم المناقشة. وقد أعدوا صبورة وضعواها على الأرض وكتبوا عليها طلاسم في جدول و وسطها وضع شيخهم خاتمه، وكان الذكر الذي قرره هو تكرار اسم الجلالة( يا لطيف) وعدد تكراره مئة ألف أو يزيدون، وهذا العدد مقسم على الحاضرين فكان من سهمي يزيد على 10 آلآف… والخوف من من أن تتساقط شدغاننا من هذا العدد. ثم بدأنا الذكر وأطفئت الأنوار وعم الصمت وأمسك كل بمسباحه وأنفلت الألسن وحرت الأنفس، وديست فرامل المسابيح ثم ما لبثنا دقائق معدودة إلا وانتهى شيخهم من ذكره وكان له نصيب الأسد من الأعداد، تفاجأت كيف ابتلعها بهذه السرعة، ولكنهم أخبروني أنه من الأسرار الروحانية التي بلغها، ثم بدأوا يقاسمونه نصيبهم هذا يعطيه كذا ألف والآخر كذا ألف.. وهو كالأفعى الجائعة يلتهم الذكر في دقائق معدودة حتى انتهينا، وبدأ كل واحد يذكر أنه رأى كذا من النور على شكل بروق، فخفت أن يسألوني لأني لم أر إلا شحنات ملابسهم تبرق، و بدأوا يستفتون الشيخ في أمور شريعتهم هذه وهو يجيب بكل ثقة وهم مطأطئو رؤسهم مذعنين، حتى أنه أحدهم سأله بأنه وجد شيئا كالبودرة على جسده في جلسة ذكر، فأجابه العّلامة بأن ذلك(مدد)، فقام جميع الحضور يهنئونه، ولكني لا أستبعد أن ذلك بقايا من بودرة حلّاق. ثم جلب العشاء الشهي وبدأت مغاريف أياديهم تنهش الأرز وكأن بينهم وبينه ثأر الأجداد، وكان شيخهم كلما انتهت صلصة المانجا لديه أشار لهم بالزيادة وكان أحيانا يوهمهم بأنني أنا الذي طلبتها فيلتهمها قبل أن تصل إليها يدي(سنوقية + سموجية).
ولما خرجنا نتماوج من الأكل اكتشفت أن بعضهم لم يؤدوا صلاة العشاء إلى ساعة متأخرة ثم صلوها بدون جماعة فقدموا النفل على الفرض. ثم حدث عطل بسيط بكهرباء منزل الشخص الذي أضافنا… ففسروها أنه من جراء حرارة الأذكار... أو المدد، ثم اختلى بي شيخهم ليخبرني أمرا وكان ما أخبرني به هو أمور شخصية قد تحدث لأي شخص، وكان قصده استعراض قدراته في علم الأسرار الذي يتمتع بها. فاستوضحت ذلك من رفيقي بعدها فأجابني أن شيخه يملك (روحانيا) يخبره بما خفي، فما هذا الروحاني؟، أجاب: أنه مخلوق بين منزلتي الملئكة والجان. فاللهم علمنا ما لم نعلم وفهمنا ما لم نفهم. سأكمل في حلقة قادمة لتحليل كل ذلك وما يجري حوله.


✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي 

للنشر رحمكم الله



لمتابعة حلقات #حديث_الإثنين على مدونة #الأبجدية




(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)

الاثنين، 18 أبريل 2016

حديث الإثنين | الحلقة 129 (أيام خلتْ بين المضحك والمبكي… المُغَيَّب)
حديث الإثنين | الحلقة 129 (أيام خلتْ بين المضحك والمبكي… المُغَيَّب)

المُغَيَّب هو الشخص الذي يوهم عنه أنه ما زال حيّا بعدما شاع  موته، وهذه الوهم ﻻ نجده في بلداننا فحسب وإنما ثقافته متداولة عند الكثير من الشعوب حتى تلك التي تدعي التطور العلمي، فيسمونه "زومبي"، حتى أنهم صنعوا من تلك الأوهام روايات وأفﻻم في الدراجيدا المرعبة يتكسبون منها المﻻيين.
# قالوا: أن المغيب شخص مسحور ولم يمت وأما الذي غسلوه وكفنوه ودفنوه فهو عبارة عن جذع نخلة 《قيعلة》أو صرمة موز《قعو》لكن الساحر خيله لهم أنه هو... لكن السحرة يتلاعبون بأعين الناس ليسترهبوهم كما جاء في الكتاب العزيز، فكيف لهم أن يتلاعبوا بحاسة اللمس؟ هذا شيء عجيب!.
حديث الإثنين | الحلقة 129 (أيام خلتْ بين المضحك والمبكي… المُغَيَّب)

وأذكر أن السنوات والتي قبل 15 سنة تقريبا من اﻵن كانت هذه اﻷوهام والخرافات متفشية في أذهان الناس حتى كاد لم يمت أحد إﻻ يقال أنه مسحور وهو مستعبد عند من سحره ثم تأتي الروايات أنه وجد في مكان كذا، ساعة كذا ...، ويبات أهل الميت في مصابين مصاب الفقد ومصاب الخوف والهلع والقلق عن مصير فقيدهم.
ويستغل ذلك طبالو الدجل وهم أصحاب بيوت الزار ليعقدوا صفقاتهم مستغلين حال بعض أهل الميت المتأثرين بأن يعمل لهم جلسة زار لعلهم يبلغون مشفاهم وما هم ببالغيه، وكل ذلك من تفشي ثقافة السحر فكانت السماء التي تظل الناس واﻷرض التي تقلهم، خضعت العقول برهة لا بأس بها من الزمن لأصحاب الدجل، وهيمن حفنة ممن يدعون السحر على عقائد الناس وحالهم ومستقبلهم، وكاد ﻻ يصاب أحدهم بحمى أو بزكام ... إﻻ قالوا فيه مسّ من جان، أو نفثة من شيطان، أو عقدة من ساحر،  وأهل الزار عليهم بالمرصاد (ولا تكاد تخلوا منطقة من غرفة زار) فيتقاضون من زبونهم كذا من المبالغ فضﻻ عن تكاليف  ليلة الزار من مأكوﻻت، و وصايا الشياطين من القرابين، ومنه (التيسح اﻷحول و الديك اﻷشول...) ويذبح ذلك على نصب الشرك والعياذ بالله.
# وظهرت مصطلحات أضفت شيئا من التمكن المفرط ومنها: 《المُغَلْغَل》وهو كما يوهمون "عفريت" مقيد بسﻻسل يقطن في مكان مجهول ويظهر ليﻻ، ومنها《الروع》وهو جني يروع المسافرين ويرميهم بالحصى ويصدر أصواتا مخيفة، ومنها《ضبعة الساحر》 التي يركبها بعكس اتجاهها، والساحرة لها ضبع ذكر.. ثقافة محنكة بزنبق الجهل يحار لها إبليس نفسه.       
وكلها عادات مربكة للحقائق، موغلة في الجهل ليس لها بالعقل مد ولا بالمنطق صلة، ناهيك عن الدين الحنيف، العلم الرديف.
وفي جلسات الزار - وما أدراك ما جلسات الزار، ثم ما أدراك ما جلسات الزار؟! -  طقوس تنفض ما بقي من ذرة عقل حيث تجتمع شياطين اﻹنس والجن بمهرجان صاخب، كل يدلو بدلوه فيوهمون المغفلين أمثالهم بأكل الجمر والمشي عليه وكل ألاعيب غوغائية بالعيون، ناهيك عن الاختﻻط بين الجنسين الذي يصل إلى ارتكاب الفواحش في بعض المناطق الخصبة بأضغاث جهلهم. وفي سنة من السنوات الغبراء استغل أهل بلدة وهم المغيب لمكاسب اقتصادية، بعدما شقت الحكومة طريقا تمر على جبل يستغنى بها عن طريق بلدتهم القديم، فرأى أهل تلك البلد أن سوقهم يصاب بالذبول بعد تجنب المسافرين طريق سوقهم، فأشاعوا باكتشاف كهف  في الجبل به مغايبة كثر، وأن الشرطة أخذوهم إلى مشفى الأمراض العقلية، فصدق الناس ذلك وذهب الكثير منهم ليسألوا عن موتاهم لعلهم يجدوا بعضهم… وأشاعوا أن كبير السحرة يتوعد المارين بتلك الطريق برصد شباك سحره ليصطاد آخرين... فتفكروا إلى أين وصل الحال العجيب هذا؟ وكلها لعمر الله عقائد فاسدة تهوي بصاحبها في مضيق الشرك و مهاوي الفزع وظلام اليأس.

# ولكن ولله الحمد تكشفت ظلم الجهل بنور العلم حتى انغمس أكثر تلك الأوهام في زئبق النسيان، وإن كان بعضها ما زال يرفرف في بعض المناطق الظامئة للهداية، بل بدأ ضلال بعضه يتكور من جديد ليبعث للناس خرافة أخرى لعلنا نجد لها متنفسا في حديثنا القادم.
اللهم نعوذ بك من الوهم والجهل بعد الإيمان والعلم.
أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله


لمتابعة حلقات #حديث_الإثنين على مدونة #الأبجدية

(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)

الاثنين، 11 أبريل 2016

حديث الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):
#حديث_الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):

إن اجتازوا النهر سلموا وإن جرفهم التيار هلكوا، ومما يرويه تراثنا المشّرف أن زفة عرس تعرضت - وهي في طريقها - لأمطار نشطة سال عقبها واد بين قريتي العروسين ذلك أثناء تخطي الزفة الوادي، و شبابيك الليل تنثر عناكبها السوداء … فهرب الناس لينجوا بأنفسهم وتركوا العروس المسكينة في حالها البائس، فلجأت هي الأخرى إلى مأوى رأته يضمن لها البقاء و يرتشف عنها الفزع بعد أن تخلى عنها هرع الهارعين. فارتمت بنفسها في كوخ صغير فيه شاب و شمعة و مصحف، اندهش الشاب مما أقبل عليه دون سابق موعد… فتاة حسناء في أوج زينتها، في ليلة دلجاء، في كوخ صماء… وبشفتين متلعثمتين وقلب يرجف ونفس متمزق أفصحت الفتاة عما جرى لها وطلبت من مروءة الشاب أن تستر شقوتها وتأوي وجلها حتى يخدع حالها وتعود إلى حمى أبيها آمنة مطمئنة… هي فرصة لأهل الفحش أن يلطخوا صحائفهم بالفساد، غير أنها فرصة لأهل الطهر أن يبيضوا صحائفهم بالتقوى، وما تنتظر ممن أخلصه تقواه إلا نخوة النزهاء، وكرامة الصلحاء، فباتت ليلتها في كنفه مصونة عفيفة، في حماية أخ تقي شهم غيور، تسنه عيناها على تسابيح ذكره، وتهنأ روحها على تراتيل قرآنه حتى بلج الفجر أنواره، فأوصلها إلى بيت أبيها كريمة شريفة طاهرة تقية. شكره الأب بعد أن اطمأن على شرف عزيزته، ولكنه كان متعجبا من عادة كان يفعلها طول الليل قد تعجبت منها ابنته ولم تجد لها تفسيرا، وهي أنه كان يدخل إصبعه في نار قنديله طوال الليل عند تهجده، فأجابه التقي الورع أنه كان يحذّر نفسه من نار جهنم إن وسوست عليه بسوء فهذه نار الدنيا لم تطقها فكيف بنار لظى نزاعة للشوى… تلك رجولة شبابنا التي تتشرف بها بلادنا، وقد رأيت الكثير منهم في زماننا، تسعد بهم النفس وتفتخر ويطمئن بهم مستقبل دينهم وبلدهم - بارك الله في نخوة إيمانهم وحفظها في أهلهم وذريتهم. 
حديث الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):

لكني سمعت برجال أشباه رجال ليس لهم هم إلا الحرام و قد بلغ بهم فسادهم أنهم يتظاهرون بالمروءة ليقضوا مآربهم… اتصلت أخت بأخيها أن امرأة صدمت سيارتها، فهب لمساعدتها وتظاهر بمروءة مزيفة لأجل إعفاء المرأة من تصليح السيارتين، فزوّر الحادث بأن أخته الغلطانة ليكسب تأمين سيارتها الشامل لإصلاح السيارتين، وهذا غش كبير واختلاس، وأما الغش الأكبر أنه انتهز ضعف المرأة المادي والمعنوي لأجل الإيقاع بشرفها، ثم ما لبثت أن حملت منه، فارتكبا الفساد الأعظم أن قتلا الجنين في أحشائها بالإجهاض تسترا على جرمهما. 
لا تعجب عزيزي القارئ فهذا نموذج بسيط إذ أن قائمة هؤلاء الحثالة تطول وهو تيار نهر أسود جرفهم كما جرف غيرهم إن لم يردعهم رادع فينتهي بهم الحال إلى مصب سحيق والعياذ بالله، حتى أصبح أحدهم يقول: لن أتزوج إلا قبيحة الوجه لكي لا يطمع بها أحد. فهو يظن بسوابقه المشينة أنه لا توجد امرأة نزيهة، وقد خاب ظنه، فالشريفات تملأ الدنيا ولن يدلسهن شرذمات. 
نسأل الله التقوى والعفاف والستر.  اللهم آمين

✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله


لمتابعة حلقات #حديث_الإثنين على مدونة #الأبجدية

(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)

الثلاثاء، 5 أبريل 2016

حديث الإثنين | الحلقة 127 (السرطان المستطر):
#حديث_الإثنين | الحلقة 127 (السرطان المستطر):

لقد تفشت في المجتمعات المسلمة فاحشة الزنى، وهي كبيرة موبقة تحمل المقت والقتل، و صفها الله تعالى بالفاحشة؛ وتعني الخروج عن المألوف الفطري السليم، وذكرت في القرآن بين آيتين ذكر فيهما القتل من سورة الإسراء، بين قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق}، و{ولا تقتلوا النفس التي حرم الله}؛ أي أن هذه الفاحشة مؤداها إلى القتل، وهو قتل الحياء أولا، وقتل إنسانية ولد الزنى فينعت بالحرام طول عمره، وقتل أسرة مرتكب الزنى وإبادة قبيلتها بالفضيحة المخزية أمام الناس، والتنكيل بصمعة البلد التي تتفشى فيها>> 
حديث الإثنين | الحلقة 127 (السرطان المستطر):

إذن القضية أكبر مما يتصوره شراذمة الفحش، فالقضية قضية مجتمع ودولة، و عاقبتها عقاب جماعي من الجبار المنتقم، ولست هنا أخاطب من ترذلت فيهم هذه الموبقة، الذين وصل بهم الحال أن يقودوا على أخواتهم وزوجاتهم، وباتت لهم مستنقعاتهم الموحلة، وتجمعاتهم فرادى وزرافات، إنما الخطاب موجه إلى الناس مجتمعهم وحكومتهم، إذ لا يجدي السكوت على هذه الموبقة بعدم النصح والاستنكار، وفرض العقوبات، و القوانين والإجراءات للحد من استطارها، وكأن لسان الحال متستر عليها أو مقر لها، فهل ينظرون إلا زلازل وبراكين وأعاصير تقصف بصالحهم قبل ساكتهم قبل فاسدهم، وما حال تسونامي جزيرة سومطرا ببعيد، وقد وصلت منه صخرة في شواطئ الجنوب تزن 160 طنا رمت بها أمواج النقمة إلى آلاف الكيلو مترات.

اتصل صاحب عمارة تقطنها طالبات بإحدى تناكر البالوعات لشفط بالوعة العمارة، لكن أنبوب الشفط توقف فجأة وانسد، وبعدما أُخرج وجدوا مفاجأة مهولة، أن الذي سده جثة جنين مجهوض، ثم أبلغوا الشرطة فوجدوا ما هو أكبر من ذلك… وجدوا عدة جثث لأجنة أجهضت في تلك البالوعة، فتفكروا إلى أي حدّ وصل الفساد، زنى ثم إجهاض والإجهاض قتل متعمد، وهما من أشنع الكبائر والعياذ بالله.

إن هذا الفساد المتسارع والمنتشر إن لم نقف جميعا في وجهه سيأتي زمن ليس ببعيد لا نستطيع السيطرة عليه ولا على نتائجه التي تضرب البلد في اقتصادها وأمنها، أما من ناحية الاقتصاد ستنفق المليارات من الأموال لمعالجة أمراض هذه الموبقة، وتكون الفئة المصابة فئة الشباب، والشباب هم وقود الاقتصاد و الأمن، ولئن كان وقود الاقتصاد منخر، وفي نفس الوقت هو من يستنزف مخزون الدولة في علاجه… تكون النتيجة الاضمحلال، فهل تعتمد الدول الإسلامية على أيادي أجنبية بديلة؟ لا خيار، وتلك الأيادي الأجنبية ستطالب بعد عقود من توطنها بشغل مناصب قيادية ستتحكم بمستقبل البلدان على إملاءات أوطانها الأم.

هذا الأمر يهم الجميع والكل مسؤول عنه ولا يعذر أحد مهما بلغت معذرته فهو متعلق بالدين و الأخلاق والمجتمع والدولة و المستقبل والأمن والشباب والاقتصاد والحياة برمتها. والله المستعان.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله


لمتابعة حلقات حديث الإنثين على مدونة الأبجدية

{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}