#حديث_الإثنين | الحلقة 106 (قصة حاج على شفير الحدود) الجزء الرابع:
كان رفاقه ينسلون من الحافلة كانسلال الورد الذابل بجذوره من تربة فؤاده، و ساما في تكتمٍ على عواطفه، كيف يقابل تلك الأم التي استأجرته ليحج عن فقيدها الذي فارق الحياة في زهوة شبابه؟، كيف وقد أرهقها فراقه؟،
وللمصائب مصائد في حفر النفس، و شَرَكِ الهموم، إذ كانت تراه في منامها كل ليلة، وفي ليلة ظلماء، في ساعة دهماء، اسيقضت من شوق فاتجهت صوب مغسلة الموتى فشقت طريقها بين المقابر، ولم تعبه بالخوف ونزواته لتجد أوهام أحزانها… إنه قلب الأم… ذلك هو المبرر المتفرد به عن الجنون. ظل يفكر فكيف سيواجه عواصف ذلك القلب المرهف الباكي؟.
ثم انتابته فكرة لعلها القارب الأخير، فاتصل بأحد أولادها ـ وكان صديقه ـ وأخبره بخبر العودة الظالمة، وأوصاه ألا يخبر والدته بالخبر، فلعل الله يحدث أمرا.
عاد إلى بلده و كانت كرة حاله تتقلب بين أعين المشفق و المتعجب، و الشامت أحيانا قليلة. وقد ترك فاتورة ذلك لمن {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}، وعلق رجاءه بربه، واستبشر به خيرا رغم الصعاب، ومما أضفى عليه الأمل أنه وجد في طريق عودته ورقة نحاسية كتب عليها {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}، وجدها متروكة على زاوية طريقه فأخذها ليضعها عند مخدة نومه.
>> ولكنه استغل عودته لإتمام بعض أعماله الدعوية، فرتب لتجميع صدقات اليوم التاسع، وقسّم ما بقى عنده من مال بين عدد من الأسر المعوزة، ولم ينس مساهمته المعتادة لأهل غزة، ولم يفته اجتماع مجلس أولياء الأمور في مدرسة بلده. ظل كذلك حتى صبيحة اليوم السابع، فبعد فجرها تكالبت عليه بعض الأعمال المرهقة، التي أرجته عن بيته حتى العاشرة صباحا. وعندما عاد إلى بيته فتح هاتفه، فوجد رسائل بعض زملائه في مجموعة الحج يتنادون للذهاب إلى الحج رغم أن الوقت مدركهم، فقرر منهما اثنان العزم على السفر، وكانت ساعة قرارهما في الثامنة، وهو الآن في العاشرة، عندها رفع يديه إلى من رفع السماء بلا عمد يستخيره في الذهاب، فاتصل بأحدهما فأجابه أنهما في طريقهما فأغمض عيني قلبه خشية أن يكون تكملة الكلام الفوات، ولكن أكمل أنهما في مكان يمكنه اللحاق بهما في مدة نصف ساعة، فطلب تكملة الركب معهما إذ الركب ثلاثة كما بين المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، فوافقا رغم أنه لا يعرفهما ولا يعرفانه. ومن فوره اتجه إلى غرفته ليحمل متاعه، وكانت حقيبته التي عاد بها على حالها القديم لم تفتح، فحملها ولمح قبل الانطلاق لآئحة نحاسية تبرق بين غمام البشر، فتبسم لأمر الله وحمده على نعماه… (يُتبع) بحول الله
كان رفاقه ينسلون من الحافلة كانسلال الورد الذابل بجذوره من تربة فؤاده، و ساما في تكتمٍ على عواطفه، كيف يقابل تلك الأم التي استأجرته ليحج عن فقيدها الذي فارق الحياة في زهوة شبابه؟، كيف وقد أرهقها فراقه؟،
وللمصائب مصائد في حفر النفس، و شَرَكِ الهموم، إذ كانت تراه في منامها كل ليلة، وفي ليلة ظلماء، في ساعة دهماء، اسيقضت من شوق فاتجهت صوب مغسلة الموتى فشقت طريقها بين المقابر، ولم تعبه بالخوف ونزواته لتجد أوهام أحزانها… إنه قلب الأم… ذلك هو المبرر المتفرد به عن الجنون. ظل يفكر فكيف سيواجه عواصف ذلك القلب المرهف الباكي؟.
ثم انتابته فكرة لعلها القارب الأخير، فاتصل بأحد أولادها ـ وكان صديقه ـ وأخبره بخبر العودة الظالمة، وأوصاه ألا يخبر والدته بالخبر، فلعل الله يحدث أمرا.
عاد إلى بلده و كانت كرة حاله تتقلب بين أعين المشفق و المتعجب، و الشامت أحيانا قليلة. وقد ترك فاتورة ذلك لمن {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}، وعلق رجاءه بربه، واستبشر به خيرا رغم الصعاب، ومما أضفى عليه الأمل أنه وجد في طريق عودته ورقة نحاسية كتب عليها {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}، وجدها متروكة على زاوية طريقه فأخذها ليضعها عند مخدة نومه.
>> ولكنه استغل عودته لإتمام بعض أعماله الدعوية، فرتب لتجميع صدقات اليوم التاسع، وقسّم ما بقى عنده من مال بين عدد من الأسر المعوزة، ولم ينس مساهمته المعتادة لأهل غزة، ولم يفته اجتماع مجلس أولياء الأمور في مدرسة بلده. ظل كذلك حتى صبيحة اليوم السابع، فبعد فجرها تكالبت عليه بعض الأعمال المرهقة، التي أرجته عن بيته حتى العاشرة صباحا. وعندما عاد إلى بيته فتح هاتفه، فوجد رسائل بعض زملائه في مجموعة الحج يتنادون للذهاب إلى الحج رغم أن الوقت مدركهم، فقرر منهما اثنان العزم على السفر، وكانت ساعة قرارهما في الثامنة، وهو الآن في العاشرة، عندها رفع يديه إلى من رفع السماء بلا عمد يستخيره في الذهاب، فاتصل بأحدهما فأجابه أنهما في طريقهما فأغمض عيني قلبه خشية أن يكون تكملة الكلام الفوات، ولكن أكمل أنهما في مكان يمكنه اللحاق بهما في مدة نصف ساعة، فطلب تكملة الركب معهما إذ الركب ثلاثة كما بين المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، فوافقا رغم أنه لا يعرفهما ولا يعرفانه. ومن فوره اتجه إلى غرفته ليحمل متاعه، وكانت حقيبته التي عاد بها على حالها القديم لم تفتح، فحملها ولمح قبل الانطلاق لآئحة نحاسية تبرق بين غمام البشر، فتبسم لأمر الله وحمده على نعماه… (يُتبع) بحول الله
بقلم | أبو عبدالرحم سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله
0 coment�rios: