الاثنين، 20 مارس 2017

حديث الإثنين | الحلقة 171 ( نقد الذات 5 - قصة الإجهاض )

حديث الإثنين | الحلقة 171 ( نقد الذات -5 - قصة الإجهاض )
أخبرنا أحد مشائخنا; أنه ذات مرة جاءته امرأة تطلب الرقية على ولدها، يقول: ومن حسن حظي لم أكن في البيت ساعتها. فاستقبلتها زوجته، وتبدو عليها علامات اليأس والبؤس، فسألتها ما تريد، فأجابت: نأسف لك أنّ زوجي ليس في البيت، ولكن أين طفلك؟.
اجابت أم الطفل بعد بسطة سمط وتلعثم ثغر: طفلي رضيع تركته في السيارة.
زوجة الشيخ: لماذا لا تحمليه إن كان رضيعا؟
أم الطفل: ستعرفين السبب بنفسك.
فأخذتها إلى السيارة، وفي بطء فتحت الباب أمامها، فألقت بناظريها إلى ما في السيارة، فلم ترَ طفلا، ولكنها رأت شيئا أرعد فرائصها لم تستطع أن تقف على رجليها المرتجفتين من هول ما رأت فجلست من فورها.
أتدرون ما كان ذاك؟ كانت براءت طفل في ثوب وحش… نعم أيها الإخوة، كانت صورة الطفل مشوبة بتشوه مرعب، كانت أمه تستره عن الأعين.

ولأنكم الآن تتساءلون عن سبب ذلك، أقول لأجل الموعظة: أنّ السبب هو محاربة شرع الله تعالى الذي ارتضاه للناس ولكن أكثر الناس لأنفسهم ظالمون... وإليكم قصتها:
كانت المرأة على قدر من الجمال، فاشترطت على زوجها أن تؤخر الإنجاب حفاظا على أناقتها ورشاقتها ولباقتها ونضارتها… ، ولكن وقعت في فخ الاختبار :
{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}، 
وقع الحمل بتقدير العزيز العليم، فإذا بها تضرب أخماسا بأسداس، واختبارها حارها بين الرشاد والفساد، الحمل أم الإجهاض؟ فاختارت الإجهاض، وسافرت مع زوجها الذابل إلى بلد يبيح الإجهاض، فأشار لها المختص أن تتناول عقارا بدل العملية الخطيرة لصحتها، وأنّ أثر العقار فيه مجازفة; فإما إسقاط الجنين وإما تشوّهه؟ (اختبارا ثانيا)

ورغم ذلك أصرّت على تناول العقار، ولم تعر مستقبل طفلها اهتماما ولا حتى حياته أية قيمة؟ والإجهاض هذا يعد قتلا، وأي قتل؟! قتل أم لابنها قبل إشراق حياته، وكل ذلك لأجل أناقتها ورشاقتها ولباقتها ونضارتها (خيلائها) {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}… فكان قدر الله على بجاحتها بالمرصاد، فلم يشأ الجبار المنتقم أن يجهض الجنين إذ ظل في غابة أحشائها يولع في بستانها نار 🔥 العقاقير، فولدت وحشا مخيفا أعاذكم الرحمن: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)}… وظلت تعدو به في بحار المستشفيات، والمواعيد المتتالية تلطمها من كل ناحية، وأنتم تعلمون زحمة الانتظار وروائح الأدوية ومشقت التنويم… فذبلت أناقتها وانطفأت شمعة جمالها، وأصبح همها بعد تلك الزلزلة أن تصحح خطأها فيما اقترفته…. نعم انتبهت لذلك بعدَ بُعْدٍ من أخلاقيات دينها، فما اجهضت ولدها ولكن أجهضت رحمتها مع أمانة ربها... نعم أيها الأحباب هذا هو واقع الكثير من الناس في تعاملهم مع حرمات شرع الله.

ولكن رغم ذلك ما زال الكثير يسألون عن حدود دينهم، وهذا مما يثلج الصدر، ففي مرة كانت امرأة تسأل عن صحة إجهاض جنينها لأنّ الحمل وقع وولده الأول لم يكمل العام، فأجبتها أن تتجنب ذلك مخافة الله وأن ترضى بقدره عليها، فانشرح صدرها واطمأن قلبها بعدما كانت تشعر بضيق، وهذا نموذجا طيبا، أن يسأل المرء عن دينه ويستفتي في شرعه ويستشير في حياته قبل الإقدام على شيء لا يدري أين محله من رضى ربه، فرضى الله مطلب كل تقي وتجاهله زلّة كل شقي.

✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي

الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: