الأحد، 16 فبراير 2014

استقلالية الشخصية المسلمة (تميز وعدم التقليد)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديثنا في هذه التدوينة عن استقلالية الشخصة المسلمة وعدم كونها إلى التقليد،
فقد دأب نبينا الكريم-صلى الله عليه وسلم- على تربية أصحابه على هذا المبدأ العظيم وهو مبدأ(الاستقلالية بالشخصية المسلمة) وعدم التبعية والتقليد الأعمى للآخرين، فهو -عليه أفضل الصلاة والسلام- ربى أصحابه خاصة و ربى أمته عامة على الإستقلالية في المنهج والاستقلالة في التصور والفكر والمعتقد والسلوك؛
لأن المنهج والسلوك إنما ينبثقان عن الفكر، ومما لاشك فيه أيضا أن الفكر يتأثر بالمحاكاة في السلوك، لذلك جاءت النصوص الكثيرة التي فيها النص والأمر بمخالفة اليهود والنصارى والمجوس والمشركين وسائر ملل الكفر والشرك ، ومن أمثلتها على ذلك:
١. قوله-صلى الله عليه وسلم-: "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم"
٢. قوله-صلى الله عليه وسلم-:"جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"
٣.  قوله-صلى الله عليه وسلم-:"خَالِفُوا الْيَهُودَ فإِنّهُمْ لا يُصَلّونَ في نِعَالِهِمْ وَلاَ خِفَافِهِمْ"

بل لم يكتفي- صلوات ربي وسلم عليه- بالقول فقط، بل جسد تلك المعاني بفعله، فحينما مر عليه أحد اليهود على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وهم قيام في حالة دفن ميت، فقال ذلك اليهودي: هكذا نصنع، فقعد النبي-صلى الله عليه وسلم- وأمر أصحابة بالقعود مخالفة لعمل أهل الكتاب.

ومن أروع ما يمكن أن يُذكر في هذا السياق تلك الكلمات التي صدرت من ذلك الشاعر والمكفر الإسلامي الكبير(محمد إقبال)، فحق لها أن تكتب لمداد من نور على صفحات اللجين، فقال:"ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ﻟﻴﻨﺪﻓﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ، ﻭﻳﺴﺎﻳﺮ ﺍﻟﺮﻛﺐ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﺍﺗﺠﻪ ﻭﺳﺎﺭ ، ﺑﻞ ﺧﻠﻖ ﻟﻴﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻭﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﺗﺠﺎﻫﻪ ، ﻭﻳﻤﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ، ﻷ‌ﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ . ﻭﻷ‌ﻧﻪ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺳﻴﺮﻩ ﻭﺍﺗﺠﺎﻫﻪ . ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺍﻹ‌ﺗﺒﺎﻉ ﺇﻥ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹ‌ﻣﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹ‌ﺭﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ . ﻭﻣﻘﺎﻡ ﺍﻵ‌ﻣﺮ ﺍﻟﻨﺎﻫﻲ . ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻨﻜﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻡ ، ﻭﻋﺼﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻧﺤﺮﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻭﻳﺨﻀﻊ ﻭﻳﻀﻊ ﺃﻭﺯﺍﺭﻩ ﻭﻳﺴﺎﻟﻢ ﺍﻟﺪﻫﺮ ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺜﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﻨﺎﺯﻟﻪ . ﻭﻳﻈﻞ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﻌﻪ ﻭﻋﺮﺍﻙ ، ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻀﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ . ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻻ‌ﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ﻟﻸ‌ﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﺎﺳﺮﺓ ﻭﺍﻷ‌ﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ، ﻭﻻ‌ﻋﺘﺬﺍﺭ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻷ‌ﻗﺰﺍﻡ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻓﻬﻮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ‌ ﻳﺮد". 






الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: