الاثنين، 19 أكتوبر 2015

حديث الإثنين | الحلقة 103 (قصة حاج على شفير الحدود)

حديث الإثنين | الحلقة 103 (قصة حاج على شفير الحدود)ما زال يتذكر سفينة الإمداد النرويجية "سيم بايلوت" وهي تصل إلى ميناء كالياري الإيطالي، وتحمل 800 مهاجرا سوريا أُنقذوا من البحر المتوسط، هاجروا يطلبون الحرية والسلامة لأرواحهم،
لقد تذكرهم عندما رأى الذين أُرجعوا بالآلآف من الحدود فآوتهم بلادهم ولم يكن لهم إلاّها بعد إلهها، شاهد أحوالهم المبكية و حالاتهم المذلة في موقد الحدود، فتبخرت بها آمالهم وتبرزخت طموحاتهم في أن يأتوا الحج ويزوروا ضريح حبيبهم المصطفى - صلى الله وسلم عليه - .
حديث الإثنين | الحلقة 103 (قصة حاج على شفير الحدود)

   وصل مع رفاقه الحدود في الساعة الثالثة قبل الفجر بليلة الأحد قبل ذي القعدة بيومين.
  وعندما كان رفاقه ينهون إداريات الخروج من الخيمة المنصوبة للحجيج، وجد على الساحات حولها حافلات كثيرة، وأناس منهمكين في النوم على بسط في العراء، و رأى المسجد الكبير المجاور مزدحما، لا تجد فيه شبرا لموضع قدم من المحتجزين الغارقين على فرش الإرهاق و لحاف اليأس.
  وبعد إنهاء التسجيل اتجه مع رفاقه إلى حدود السعودية لباب دخول الحجيج، فأوقفهم الشرطي الذي يؤدي واجبه بإتقان، ومنعهم من الدخول لعدم وجود تصاريح الحج. 
فنزل ليحاول إقناعه ولكن بدون فائدة، وثب الشرطي بإصراره على خندق الأدب، وللاحترام حصن على الغير إن وجد، ومما قاله: لو كنتم ضيوفا في بيتي فمرحبا بكم، ولكن القوانين تمنعني، وكان يثني كثيرا على بلدهم الآمن أن لم يخرج منهم ولا إرهابيا فيما يُشاهد من حال المسلمين اليوم، و أراه مقطع فيديو بهاتفه من قناة سعودية أعلنت فيه منع غير المصرح لهم وكان الشرطي نفسه ظاهرا في المقطع وهو يقطع طريق الداخلين بغير تصاريح.
  بعد اليأس أشار لإخوانه بالعودة للمسجد الكبير جنب الخيمة ليأخذوا قسطا من الراحة، بنية الكرّ على الدخول لعل الذين يأتون لوردية الصباح أقل تشددا، وهناك تلقوا خبرا من أحد الحجيج أن لجنة البعثة اجتمعت لتخاطب السفارة لتخاطب هذه الأخيرة الشرطة السعودية بالسماح للعالقين بالدخول، وكان للخبر بصيص أمل - في ظلمة اليأس - رجع مع رفاقه إلى المسجد، ولكن واحدا من شرطة الأمن قام بتأخيرهم قبل العودة لأكثر من ربع ساعة بلا مبرر.  
  وصلوا المسجد المملوء بمئات المصلين، فصلى الفجر وعلى رأسه قفران محملة بمنان الإرهاق، لم تكد تسليمة الإمام تنتهي إلا وعصفته نومة الحمّالية فاستيقظ بالثامنة صباحا، استيقظ ليتفقد رفاقه فوجدهم كحاله، فمنهم ما زال يطبش في نومه ومنهم من يتجول خارج المسجد لا يدري ما يفعل، فقصد الحافلة فوجدها مفتوحة، لعل السائق نسى إغلاقها من التعب، ثم مرت عليه بعض نساء رفاقه فسألهن عن حالهن وعن الإفطار، ثم مد يده إلى مخازن الحافلة لما بقي من الكعك و(المندازي التي دائما تتبع قوافل الحج والعمرة) والعصائر… ليمدهن بشيء من الزاد.
  وأخذ لنفسه 5 رطبات مع ماء، ثم ذهب يتفقد حال أهل بلدته في القفار المقفهرة، وجدهم مبعثرين كالجراد بين حافلاتهم يفترشون الصحراء ويستظلون السماء، و وجد مراجل القهوة والشاي تحن -تشتعل -، وقد حففوها بمراجل العيوش، وكأنهم من سكان المكان، قد أناخوا منذ أزمان.
  وهنالك التقى بأحد زملائه فدعاه للقهوة، مع تمر الفرض -نوع من أنواع التمور الجيدة-، والحلوى التي أزاغت بصره إليها، فخيروه الجماعة الحاضرة بينهما فاختار أحلاهما.
  ولكنه أكل ليس من شهية وإنما من أسف وحزن، و سيقت له الأخبار المثيرة للدهشة… أن بعض الحملات أرجعت من المدينة وبعضها من الميقات وأصحابها محرِمين ، وكان إرجاعها بدوريات الأمن المتعاقبة حتى الحدود، و كانت كل دورية تأخذ أربع ساعات لتسلمها للأخرى… في عناء شديد وإرهاق ممعن، فتصور كيف يكون حال الحافلات التي تقل خمسين راكبا مع العوائل، وهم خائبو الأمل خابئو الفشل، مع غم التأخير في الإرجاع. 
هنالك أدرك أن الأمر كبير جدا جدا جدا من خلال واقعه البائس. عاد يجر أذيال الخيبة، وقبل أن يصل للحافلة وجد شخصا يلتف حوله الناس…   يُتبع...!!!

  بقلم | أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: