الثلاثاء، 13 يناير 2015

الحلقة 66 ( التدرج الوظيفي وأثره على القدرة القيادية ):

أهلا بكم زواري متابعي حلقات حديث الإثنين، كم تعودنا في الحلقات الماضية على أن نواكب بحلقات درسنا المتطلبات الحياتية للناس، وهذا الذي يرجوه القراء الأعزاء، وفي حلقتنا 66 ينتحدث عن التنمية البشرية لدى الموظف فأترككم مع حلقتنا بعنوان:
(التدرج الوظيفي وأثره على القدرة القيادية): 


مما نستفيد منه من سيرة نبينا العطرة من نموذجيته التي يقطع بها حبال الشكوك عمن يوهم تجرده من اﻷسوة الحسنة لكل لبيب، أنه بغض النظر عن اصطفائه للنبوة إﻻ أنه تدرج عمليا وفكريا من سنه المبكر إلى السن الذي أصبح فيه قياديا خبيرا فصار بعدها قائدا للبشرية. في المرحلة اﻷولى عمل راعيا للغنم "وما من نبي إﻻ رعى اﻷغنام"، وهي تجارة دنيا لم يستنكف عن مزاولتها وكان يتقاضى بها قراريط من أصحاب اﻷغنام، ثم انتقل إلى التجارة الوسطى ليتاجر بجزء من مال خديجة ويأتي لها باﻷرباح المضاعفة ثم بعد الزواج بها صارت تجارتها الواسعة تحت تصرفه قيادته، ولم يحتج أبدا للتدليس والغش والكذب - حشاه - لتمشية تجارته كما هو بعض حال الواهمين اليوم أن التجارة ﻻ تبحر سفينتها إلا بربانية الكذب والتدليس فتوسع غشهم إلى أن ينهبوا خيرات بلدانهم. 
ومن خلال تجارته نمت ثقافته و ربت معرفته ففي اﻷسواق تكشفت له صفائح الناس وطبائعهم إذ اﻷسواق صفائح النفوس بها تظهر معادن الرجال من سمح وجشع و مقدم و فزع ...، وتكشفت له المعاملات المالية بأوجهها ليفتي فيها فيما بعد على قدر بعدها عن المنازعات. وفي السوق تطرح القضايا الخاصة والعامة وتتداول اﻷخبار و كل جديد من المعارف وتتكون العلاقات. وما يوسع دائرة المعارف لديه لتتعدى المحلية إلى اﻹقليمية هو حجم سوق مكة آن ذاك الذي يشكل مزار العرب عند حجهم واعتمارهم فقد دانت لمكة الزعامات الثﻻث الكبرى الدينية والاقتصادية والثقافية، وكل ذلك ينسكب في إبريق عقلية المصطفى الفذة بيد أن شعيرته الأخلقية ﻻ زالت بالمرصاد تفلتر النقي عن الشائب والصائب عن العائب. فمن الناحية الاقتصادية  ضربت قريش بتجارتها شمال الجزيرة وجنوبها في موسمي الشتاء والصيف فكانت تكنس بها أخبار الناس وجديدهم. ومن الناحية الثقافية كانت يأتمر فيها شعراء القبائل ليلقوا قصائدهم وسط أهل الفصاحة والنقد واﻷدب والثقافة فإن راقت أقروها فتوسعت القصيدة بصاحبها إلى العالمية وإﻻ ظل شاعرا محليا في جورب قبيلته. ومن الناحية الدينية فيكفي أن الكعبة رمز ما تبقى من الحنيفية في أرضها وبيدها فضل الرفادة والسقاية والاكتساء. فكل ذلك ارتقى بنبينا عمليا وعلميا و وظيفيا و ثقافة وفكرا بفضل الله القائل:{ألم يجدك يتيما فآوى و وجدك ضالا فهدى و وجدك عائلا فأغنى} وقال:{ألم نشرح لك صدرك}. إن هذا التدرج الوظيفي وما خالطة من توسع في المعارف النظرية والتطبيقية وما أحياه فيه من خلق رفيع نتج عنه خبرة بعد مهارة وقيادة بعد إدارة، وكانت تلك القيادة هي التي حافظت على النجاح المثمر المتصف بأنه مفيد دائم فياض لجميع اﻷتباع على اتساع اﻷصقاع. إذن القائد الناجح هو (المتعلم الماهر الخبير الخلوق) والوطنية من اﻷخلاق. اللهم احفظ أوطاننا وأيد سلطاننا بالحق. 
أبو عبدالرحمن سامي بن محمد بن حامد السيابي
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: