الأربعاء، 4 فبراير 2015

الحلقة 69 (النموذج العماني في تأصيل معنى اﻹيمان وتطبيقه):

النموذج العماني في تأصيل معنى اﻹيمان وتطبيقه هو عنوان الحلقة 69 من حديثنا لهذا اليوم، أترككم مع الفائدة..  يقول اﻹمام نور الدين السالمي -رحمه الله- في منظومة غاية المراد:
(وأول الفرض في تأصيله جُمٓلٌ ... ثلاثةٌ فزت إن تستحضر الجملا)
(وإن أتيت بها نطقا حفِظت بها ... للنفس والمال والسبي بها حُضِلا )

النموذج العماني في تأصيل معنى اﻹيمان وتطبيقه
النموذج العماني في تأصيل معنى اﻹيمان وتطبيقه
1. فرائض اﻹسلام هي أركان اﻹسلام ، وأولها الشهادة ثم الصلاة والزكاة والصوم والحج. إذن الشهادة هي أول الفرض أو أول اﻷركان وهي ما اصطلح عليها "بالجملة".
2. اتفق العلماء على لزوم اﻹتيان بالشهادة بالقلب لدخول اﻹسلام ولكنهم اختلفوا في النطق بها، و النطق مذهب جمهورهم وعليه اﻹمام السالمي، وقد (فضل) بدر الدين الخليلي النطق مع القلب، فإن أسلم امرؤ أجنبي (كالعاملات في المنازل مثلاً) لزم عليه النطق بها ليعلن إسلامه ﻷنه أتى من بلاد غير مسلمة، و أما إن بلغ أوﻻد المسلمين الرشد فيكفي استحضارها بالقلب ﻷنهم في بيئة مسلمة هيأتهم للإسلام. في موسم للحج ﻻقيت رجلا أروبيا من أصل عربي وكان جل رجاه أن يعيش ببلد عربي مسلم ﻷجل تربية أوﻻده كما يتربى المسلمون.
3. وللجملة تفسيران:
 عقدي وعملي، فالعقدي هو "اﻹيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم اﻵخر والقضاء والقدر"، وهي أركان اﻹيمان كما تعلمون. وأما التفسير العملي فهو تقوى الله تعالى، والتقوى مفردة تحمل معنيين متضادين هما الامتثال والترك؛ فالامتثال بتطبيق أوامر الله ورسوله معا قدر المستطاع، والترك اجتناب نواهيهما مطلقا.
 4. أقسام الجملة اثنان؛ هي شهادة أﻻ إله إﻻ الله، وشهادة أن محمدا رسول الله، و زاد البعض شهادة أن كل ما جاء به الرسول حق من عند الله -تعالى-، يقول الله -تعالى- : {وما ينطق عن الهوى إن هو إﻻ وحي يوحى}.
 5. فمن أتى بالجملة فقد حفظ لنفسه أشياء وحضل -أي منع- عن نفسه أشياء؛ حفظ دمه عن السفك، وماله عن النهب، ومنع عن عرضه السبي و عن حريته العبودية؛ وضمان ذلك هو قرار رسول الله القائل: " فإنهم إن فعلوا ذلك -أي نطقوا بالشهادة- فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق اﻹسلام " ، وأول ما قاله في حجة الوداع:(إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم)، وحق اﻹسﻻم الحد والقصاص والتعزير وكل ذلك بالبينة.
فكل من نطق بالشهادتين هو مسلم وجب عليك أن تنصره ﻻ أن تخذله، دون التفتيش عن مذهبه أو اعتقاده أو طائفته ... فكلنا على السواء.
(ونحن ﻻ نطالب العبادا ... فوق شهادتيهم اعتقادا)
(فمن أتى بالجملتين قلنا ... إخواننا وبالحقوق قمنا)
منظومة بهجة اﻷنوار للإمام السالمي.
6. (النموذج التطبيقي لهذا الأصل)أخبرنا الشيخ القاضي سيف الفارسي -رحمه الله- أن اﻹمام محمد بن عبدالله الخليلي -رحمه الله- خرج بجيشه ليرد بلدة إلى طوعه بعد تمردها، و في أيام محاصرتها كان يتفقد جنده الذين كان يأكل كما يأكلون، والذين حذرهم أﻻ يقاتلوا إﻻ الطغاة المحاربين فقط ﻷجل ردهم إلى رشدهم، متجنبين النساء والشيوخ واﻷوﻻد و الزروع و اﻷشجار تطبيقا ﻷصول الدين و وصايا الله تعالى ورسوله الرحيم، فرأى من بُعْدٍ فتيلٓ نارٍ وسط مزارع النخيل، فاقترب فإذا بجنديين يطبخان (فندالا) بطاطا حلوة قد اجتثاها من زروع البلدة فهرول صوبهما مسرعا ليمنعهما فﻻقته هضبة شوك فقفزها فأصابته اﻷشواك بقدمه فأتياه معتذرين معترفين بخطأهما، فقال لها ﻷسامحكما أخرجا الشوك من قدمي، واﻹمام لا يترك ما أخذ إﻻ بالعوض أو الصفح. وهذا مثال بسيط وإﻻ فالمقام ﻻ يتسع.
7. أين بعض حكام المسلمين اليوم من تطبيق هذه المبادئ الحنيفية اﻷصيلة؟ إذ اﻹمام وكل نفسه في حمايتها ومراقبة تطبيقها، بل كيف لبعضهم أن يذبحوا شعوبهم علنا بحجة اﻹرهاب؟ فلا تتعجب أن يأتي داعش أو تنظيم قاعدة أو غيرها (وإن مولت بدول الاستعمار كما يشاع) جراء تصرفاتهم المباينة ﻷصل الدين والمغايرة لتطبيقاته. إن النموذج العماني اﻷصيل خير مخرج للسلام . 
أبوعبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: