الاثنين، 27 يوليو 2015

حديث الإثنين | الحلقة 93 (من يوميات داعية)

حديث الإثنين | الحلقة 93 (من يوميات داعية)
ينتظره على رفصة دعوته؛ ختام المركز الصيفي الذي يضم أكثر من 150 طالبا، و مشروع زكاة الأبدان الذي تنوف تغطيته لأكثر من مائة أسرة مستحقة ، ويحفهما عمله الوظيفي و أسرته واحتياجات تجهيزها للعيد… .
حديث الإثنين | الحلقة 93 (من يوميات داعية)
  
هرع لرسم خطة [لجدولة أعماله] قبل الخفقان، فحدد مهام كل عمل وحدد كوادره ثم وزع كل مهمة على شخصها المناسب،
>> فبدأ في تطبيق نصيبه منها بأهله وهم الأولى في سلم المعروف، ولكن بعض من الدعاة يهملون هذا الجانب والحديث: (خيركم خيركم لأهله).
يوم الثلاثاء :
أخذه أهله للسوق بعد ظهر الثلاثاء الأخير لرمضان، إذ السوق في ذلك الوقت أنقى من كدرة الزحام، فتركهم يتسوقون وهو يشتري الحلويات لقهوة العيد الجماعية المعتادة في قريته، وإكرام الضيف من الإيمان وهو خلق الأنبياء،
>>ثم أدرك جماعة العصر إماما ليلقي محاضرته اليومية عن أحكام الصيام وتبعاته في مقر عمله، >>وبعد الدرس أوصل أهله نحو بلده وعاد لصلاة المغرب وتجهيز إفطار المسجد، وكان على موعد بعد التراويح مع أحد أرحامه ليستلم منه زكاة ماله كعادته الحولية، وكان في اللقاء فرصة لوصل الرحم، فمن الله عليه بلقاء رجل يعزه كثيرا في مجلسه وهو من الذين يجتهدون في عبادة الله ولا تخذلهم فيه لومة لآئم، فتبادلا حديثا يشرح الصدر ويثير العزائم، وهي جرعة يحتاجها كل داع لدعم نفسيته للمزيد من العطاء: {ولولا دفع الله الناس بعضهم...}، وإنما المغرور من يرى نفسه مددا للآخرين.
>>بعد اللقاء الحميم امتطى سيارته ليخوض به زخم أسواق العيد ليشترى هدايا لمعلمين المراكز المجتهدين… وكان صاحب المحل يمنيا فواساه بالدعاء وأبدى له أخوته، فانتقى له اليمني هدية متميزة وقال هذه لرئيس المراكز، فأجابه أن ذلك لا ينبغي أن يكون لي فهذه أمانة عليّ إيداعها لمستحقيها، ثم أهداه كيسا من اللبان، فرفض استلامها معللا: إنك لم تهبها لي نظير شرائي للهدايا من مالي وإنما نظير مال المركز فلا يحق لي أخذها. وبعد إصرار البائع أخذها لأجل المسجد، فضاعف البائع أكياس اللبان للمسجد، ليقنعه ثم أهداه أخرى قائلا هذه مني خصيصة لك بدون مقابل. 
وعاد بالساعة الواحدة والنصف ليلا، وهو يحمل معه مع الهدايا لوائح الفلين والغراء وأوراق اللصق ليعمل بها إعلان الزكاة ليعلم الناس أن مشروعه ما زال قائما. وصل مكتب غرفته وعمل الوسائل يشغله وجماعة التهجد تنتظره لتبدأ بالثالثة، فتناول نصف عشائه اختصارا للوقت، فأنهى تنسيق الإعلان قبل موعد التهجد بعشر دقائق .
أعمال يوم الأربعاء:
>>وبعد الصبح أخذ قسطا من الراحة لمدة 4 ساعات، ثم انطلق يبحث عن ألواح خشبية ليثبت بها لوائح إعلانه بين المنجرات، فتداركه القدر بألطافه أن وجد ضالته في أول منجرة قابلها و وجد  مصفحات خشبية تنتظره قد قدت على مقاس وسائله وبنفس العدد، ولو تواعدتم لاختلفتم...فلله الحمد.  
ثم قام بنصبها على طريق بلده 
وحرارة الظهيرة تلفحه فأرهقت جهده، وكذا داهم الوقت عنه وقت جماعة الظهر، و عند ذاك أوكل أمره إلى ربه ليغيثه… فرجع بيته و وجد ماء البئر البارد يسكب في حوض قرب المسجد فاستجم ببراده وانطفأ به التعب، وكذا وجد أخيه قادما من عمله لم يصل الظهر فصليا معا، وبعد الصلاة حمد ربه أن وفقه للجماعة، ثم بعدها بدأ بتغليف بعض الجوائز على حساب قيلولة الظهيرة حتى فاته اسجمامها، ثم انطلق عصرا إلى مقر الزكاة ليرتب مكان استقبالها والاطمئنان على استعدادية رجالها المخلصين، وفي طريقه مرّ بعزاء في بلدته وأقام فيه الواجب.  
وقبيل المغرب  بعشرين دقيقة غادر مقر الزكاة ليوصل بعض الصدقات لبعض الأسر المستحقة، وعندما وصل بيته وجد نخلة هامدة الرطب  فجنى ثمارها لفطرة المسجد الجماعية حتى أذن المؤذن. 
وهو بعد المغرب على موعد لرعاية حفل ختام مركز صيفي آخر في بلد يبعد 20 كم، فانطلق حاملا معه كأسا من الشاي ليذهب به تعبه، وهو في طريقه استمع لقصيدة البردة التي تذرف عينيه بها بالدمع شوقا لنبي الله، خصوصا أنها  مصاحبة بصوت شجي تسترخي به النفس من إرهاقها.   
أثناء حفل الختام الصاخب والمتميز، طلب منه إلقاء محاضرة، ثم ودعه أصحاب الحفل بكرمهم الكبير كرم أهل النخوة والمرؤة، وهم يشكرونه أنه قام بتأسيس (مركزهم الصيفي) الذي بلغ عدد طلبته وطالباته الستين.
وكذا اطمأن على حال مشروع (زكاة الأبدان) الذي أيضا أسسه لهم كما فعل في بلده…  نعم ودعهم وهو يشكر الله ربه أن منّ عليه بذلك الخير الدعوي، وفي طريق عودته أكمل أوراد أذكاره وأكمل تسوقه لهدايا المعلمين، ثم عاد للبيت عند الثانية عشر ليلا فصلى بأهله التهجد حتى الفجر.
أعمال يوم الخميس:
>>بعد صبح اليوم التالي -يوم الخميس- أخذ قسطا لا بأس به من الراحة ثم اتجه إلى مقر الزكاة يجمع أغراضها ويوزع مهامها ويجيب عن استفهامها، وهنالك التقا بإخوانه المجتهدين وتبادلا حوار الدعاة والمناقشات الفقهية وقراءة الكتب، وعند الفراغ يستغل وقته ليكمل أوراده أو يواصل تغليف هدايا الطلبة وهو كذلك حتى المغرب.
>>بعد التراويح اتجه إلى السوق لشراء هدية لأحد المعلمين قد غفل عنها، وهو في الطريق قام بتحضير خطبة الجمعة ذهنيا، وكذا أثناء عودته، كما قام بإعداد برنامج الحفل الختامي المبسط، و وزع فيه المهام… ثم اتجه إلى موقع الزكاه وفي منتصف الطريق تذكر شراء دواء زوجته فعاد إليه، ثم مرّ على مقر الزكاة ليطمئن على حال تجميعها، وفيها التقى ببعض طلبته وكان من بينهم طالب يتيم الأب فودعهم على أن يعودوا لبيوتهم، وفي منتصف عودته ظن أن ذلك اليتيم سيتأخر عن بيته مع رفاقه وتذكر أن أم اليتيم ستقلق على حال ولدها والصبية يتأخرون لساعات في اللعب فعاد ليطمئن على عودته، ثم عاد إلى بيته وكانت مرقة السمك المشوي تنتظره مع الرز الأبيض المدهون بالسمن فأتى نصيبه منها ضعفين،  وبعد العشاء والسمر مع الأهل والولد أكمل إعداده للحفل الختام وأتم تجهيز الهدايا عند الثالثة سحرا، ثم صلى آخر ليلة برمضان وهو يدعو لأهله وأصحابه وجميع المسلمين بالمغفرة ثم صلى الفجر وأخذ مدا من الراحة لأجل اليوم المنتظر.
أعمال يوم الجمعة:
 >> إذ كانت الجمعة حافلة بالأعمال الدعوية… خطب الجمعة ثم ألقى محاضرته بعد سنة الجمعة وحث الناس على استثمار فضيلة الصيام في باقي حياتهم وحثهم للتعاون على جمع الزكاة ثم أقام الحفل الختامي الذي تناثرت منه ورود البهجة وعطور الرضى من الطلبة والمعلمين والأولياء بفضل الله، ثم اتجه بعده مباشرة إلى مقر الزكاة وساهم في إدارتها وتوزيعها وإيصالها إلى مستحقيها مع رجالها المخلصين الأوفياء…  حتى ما بعد العاشرة والنصف ليلا، فعاد مطمئن البال سعيد الحال رغم أنه لم يجد وقتا لحلاقة شعره للعيد، وعاد ليطمئن على جاهزية أهله و ولده للعيد… وكان ولده يقول له: أبي لا نراك إلا قليلا في هذه الأيام. وهو في طريق عودته تذكر رجلا مسناً ضريرا من أرحامه يدعى عبيد ولكنه يدعوه الوالد عبدالله فهو وحيد بلا زوجة ولا ولد، فعاد ليسلم عليه، ويطمئن على حاله، وكان يعرفه بمجرد سماع صوته، وعندما سلم عليه بكى من شدة فرحه بزيارته فأبكاه، وكان يقول له مجيأك عندي كأن الخير ينزل لي من السماء… ولعلنا لا نلتقي بعد اليوم.  
# كان تأسيسه لمشروع زكاة الأبدان بفضل ربه امتدادا لسنة حسنة كان أجداده يقومون كمثلها وكان يساعدهم منذ طفولته، غير أنه بفضل ربه طور ذلك الجهد وأوصله بفضل ربه إلى نطاق أوسع فخدم به المزكين والمستحقين والقائمي وهو اليوم يدخل عامه الثامن.  
وكان قيامه للمراكز الصيفية بفضل ربه رفعا لأعمدة قد أسست من قبل المجتهدين في الدعوة قبله،وكلا ذينك الأمرين يصبا في الدعوة الخيرة للإسلام ، والوطنية المضيئة للسلام، فلله الحمد والمنة والفضل. 
اللهم أغني فقراءنا وعلم جهالنا.
بقلم | أبوعبدالرحمن سامي بن محمد بن حامد السيابي
 للنشر رحمكم الله
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: