الأربعاء، 7 مايو 2014

الحلقة :32: صاحب رسول الله :

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعزائي.. نكمل مسرتنا في حديث الإثنين وحلقتنا لهذا الأسبوع عن شخصية قل نظيرها وتشرفت بصحبة خير خلق الله وختام النيين والمرسلين
لهذا أتت هذه الحلقة (32)حاملة عنوان: (صاحب رسول الله):

إن حضر سكت الجميع وإن تكلم انتكست أكاليل الحياء مطاطئة اﻹصغاء لتسابيحه، وكيف ﻻ وهو الرجل الثاني في أمة محمد بعد محمد -صلى الله عليه وسلم-، شهد له رب القرآن بالمديح والثناء {إذ يقول لصاحبه ﻻ تحزن}، و {ﻻ يأتل أولو الفضل منكم والسعة}، و {ما ﻹحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه اﻷعلى ولسوف يرضى}، وبشهادة صاحب القرآن( ما وطئت اﻷرض قدم بعد النبيين خير من قدم أبي بكر)، وقال عنه ذلك المتألق في نفوسكم السامية فاروق اﻷمة مختزلا عظمته في جزئيته (ليتني شعرة في صدر الصديق) جاء رجل يمدحه ( لم يعدل أحد مثلك بعد النبي يا عمر) فانهل عليه بالدرة رافعا صوته (ويحك أين وضعت أبا بكر ... ليتني يوم من أيام أبي بكر ولياليها)، نعم إنه الصديق، كل الناس عندما عرض لهم الرسول اﻹسلام ترددوا إلا أبو بكر.
وهب الرحمن صاحبا مباركا لصحبة خاتم رسالته فاختار من خزائن الكون الثمينة أبابكر الذي أبت فطرته النقية أن تسجد لأصنام مكة، تلك الفطرة ارتفع بها إلى المثالية التي لم ترس لصديق يحمل نفس خلجات نفسه وصاحب يبادلها الميول و الاتجاه، حتى التقيا الرجلان فتعانقت أرواح مبادئهم على ضفاف متماثل،  وتشابكت أنامل أفكارهم في بطاح متماثل، وتخاشمت قيمهم في عقد متماثل، نعم رست سفينة الصديق مع من سينير اﻷرض برحمته قبل عدله وبرأفته السابقة لعفوه، نعم التقيا لقاء أدهش لباب الصديق الذي اختبز عقله عجائن العرب وقبائلها فلم ترى عقليته الفذة التي اخترق بها دفائن المناديس رجلا مثيلا للهاشمي، كان التساقه بصاحبه كالتساق الحبر بالورق لم يفرق بينهما إﻻ النوم، أهداه جميع ماله و وهبه كليته وحاله، وزوجه بأحب بناته. هذا هو عميد الصحابة له وزن المثاقيل في أفئدة الناس، قد ادخرها الفاروق لصدع فتنة كادت تقسم اﻹسلام من قبل أعمدته يوم سقيفة بني ساعدة، يوم تنازع المهاجرون واﻷنصار في اختيار الخليفة بعد النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولما اشتد النزاع وكادوا يقتتلون رمى الفاروق جمرته الملتهبه لتحرق غوغائية النزاع رماها بثقة الورقة الرابحة : من فيكم سيأم قوما فيهم أبوبكر؟... بتلك العبارة فقط وئدت الفتنة فبعثرت صدورهم مكنونا ثقيﻻ جعل الحياء فيه مخبأ توارت فيه الوجوه خلف سواتر الإصغاء، فمد الفاروق يده للصديق " قم يا أبا بكر أبايعك" فبايعه الجميع وعادت الأفلاج لسقياها. 
أنه أمة محمد بعد محمد فهو أول الرجال إسلاما، وأسلم على يديه أكابر الصحابة الذين سيسلم على أياديهم أياد متصافحة نقلت بتشابكها الممتد اﻹسلام بين حناياها من ذلك العهد إلى عهدكم هذا وما بعده، والفضل لهمته، هي همة الشمس في إشراقها المتجدد. وقد عرفنا الفاروق بالشدة في غيرته على الدين لكنها ﻻ شيء في ميزان الصديق فعندما قرر مجاهدة المرتدين التي تعني مجاهدة الجزيرة العربية بقبائلها، استاء الصحابة فما وجدوا إلا عمر يطفئ ثورته فكان الجواب أن قبضه من هيبة لحيته قائلا :" أجبار في الجاهلية خوار في اﻹسلام يا عمر ... والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لجاهدتهم عليه".
 إن غيرته على الدين وأصحاب الدين ورعيته هي همه اﻷكبر الذي ﻻ يقبل المساومة عليه بحال، فعندما بلغه أن المرتدين فعلوا بالثابتين على دينهم اﻷفاعيل الخطيرة قام من فوره وخالف مجلس مشورته وخطب الناس مهددا بعدم التساهل في حمايتهم والقصاص لهم، مستخدما بذاك أعلى مستويات التصعيد وهو إعلان الحرب وقال قولته وهو ناصب سلاحه النووي " والله ﻷسلطن عليهم خالد بن الوليد".            
فتفكروا في مدى الترف الأمني والروحي الذي عاشه رعية ذلك الرجل العظيم الذي لم يدخر طاقة لحماية فردا من رعيته ...
 يتبع....

 📝 أبوعبدالرحمن سامي بن محمدبن حامد السيابي
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: