حديث الإثنين | الحلقة 167 (نقد الذات -1 - العجب)
استوقفني قول الشيخ المؤرخ أحمد بن سعود السيابي: "العمانيون صنعوا شعراء ولم يصنعوا مؤرخين لذلك ضاع التاريخ العماني ".
لعل السبب في ذلك خوفهم من (الأنا) العجب، فكانوا يقطعون السبل على مداخل النفس وغرورها وما يؤول أليه، وهذا باب الزهد في كل أمر دنيوي لأجل الثراء بكل أمر أخروي، فلا تنافس بين الاثنين في أنفسهم ولا اجتماع بينهما في قلب أحدهم، لذلك وفقوا في بناء مجد ممتد رغم جهل غيرهم بماهية لبنات ذلك المجد وصروحه وأسواره فظلت قلاعه القدسية شامخة ممتدة لأكثر من 12 قرنا وهو في أوج تقدمه.
لكننا أخلفنا عهودنا مع نهجهم وخالفنا مبادئنا فانبرينا للـ( أنا) في جل أعمالنا، وأهملنا الأدب والعلم والجهد فبرز تأريخنا المفبرك واضمحل مجدنا في دارسه أو قيلولته ( أقول: قيلولته; حتى أكون أكثر تفاؤلا).
فبات الواحد (منا) يقول: أنا فعلت وفعلت. وإن علم مسألة أو تجمعت لديه شوية معلومات صار منقبا عمن حوله وناقدا بسيفه الخشبي الخاش مشاركا في كل فكرة وكأنه الموسعة العلامة والمحقق الجهبذ.
وإن تجمعت لديه شوية محاضرات أو خطب أو شارك في لجنة أو دعي إلى اجتماع أو ساهم في إصلاح… أطاح بمن لم يفعل ذلك أنه الأمير لكل شيء والمقرر لكل شيء والحافظ لكل شيء والمرجع لكل شيء...
ومن ذلك نفرش شراشفنا ليرمي الآخرون دنانير مدحهم علينا وإن لم يفعلوا استقطبناها بدهاء مكرنا (أنا لم أفعل شيئا والبركة فيكم) فننتظر الرد: بل هذا الخير منك وبجهدك... فمن وجد في قلبه فرحا لهذا الرد فقد عجب ورآءا ومن لم يرد عليه أحد بالثناء فوجد في نفسه خيبة فقد رآءا.
وكذلك فقيهنا المرجع.. يقول بعد إجابته على سؤال أو تحليله لمسألة أو مداخلته لأمر… :( تراني ما أعرف واجد في المسألة… بعدكم شوفوا أهل العلم… بو عندي ما يترس محارة… ) والقصد استدعاء المديح.
ولو رأينا ما فعله غيرنا من خير وتقدم وعلم لما حككنا أذننا أمامه حياء… هنالك من يعملون على مستوى الفرد وفي شهر يحققون ما لم تفعله الجماعات مجتمعة في 12 شهرا، وكم من عالم مجهول بين ربعه ترجح كفته على العشرات ممن يظهرون على السطح بسطحيتهم ويزعم عليهم بالعلامة.
العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسول الله، قال الله تبارك وتعالى:
{ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا} ذكر ذلك في معرض الإنكار،
و عجب الإنسان بعمل هو مخطئ فيه كإعجابه بعمل هو فيه مصيب دل على ذلك: {وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
ومن الأحاديث :(ثلاث مهلكات; شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه)، وحذر الصحابي ابن مسعود من العجب فقال: "الهلاك في اثنتين القنوط والعحب"...
قال الإمام الغزالي في تحليل قول ابن مسعود: وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعحب يعتقد أنه قد سعد، وقد ظفر بمراده فلا يسعى.
استوقفني قول الشيخ المؤرخ أحمد بن سعود السيابي: "العمانيون صنعوا شعراء ولم يصنعوا مؤرخين لذلك ضاع التاريخ العماني ".
لعل السبب في ذلك خوفهم من (الأنا) العجب، فكانوا يقطعون السبل على مداخل النفس وغرورها وما يؤول أليه، وهذا باب الزهد في كل أمر دنيوي لأجل الثراء بكل أمر أخروي، فلا تنافس بين الاثنين في أنفسهم ولا اجتماع بينهما في قلب أحدهم، لذلك وفقوا في بناء مجد ممتد رغم جهل غيرهم بماهية لبنات ذلك المجد وصروحه وأسواره فظلت قلاعه القدسية شامخة ممتدة لأكثر من 12 قرنا وهو في أوج تقدمه.
لكننا أخلفنا عهودنا مع نهجهم وخالفنا مبادئنا فانبرينا للـ( أنا) في جل أعمالنا، وأهملنا الأدب والعلم والجهد فبرز تأريخنا المفبرك واضمحل مجدنا في دارسه أو قيلولته ( أقول: قيلولته; حتى أكون أكثر تفاؤلا).
فبات الواحد (منا) يقول: أنا فعلت وفعلت. وإن علم مسألة أو تجمعت لديه شوية معلومات صار منقبا عمن حوله وناقدا بسيفه الخشبي الخاش مشاركا في كل فكرة وكأنه الموسعة العلامة والمحقق الجهبذ.
وإن تجمعت لديه شوية محاضرات أو خطب أو شارك في لجنة أو دعي إلى اجتماع أو ساهم في إصلاح… أطاح بمن لم يفعل ذلك أنه الأمير لكل شيء والمقرر لكل شيء والحافظ لكل شيء والمرجع لكل شيء...
ومن ذلك نفرش شراشفنا ليرمي الآخرون دنانير مدحهم علينا وإن لم يفعلوا استقطبناها بدهاء مكرنا (أنا لم أفعل شيئا والبركة فيكم) فننتظر الرد: بل هذا الخير منك وبجهدك... فمن وجد في قلبه فرحا لهذا الرد فقد عجب ورآءا ومن لم يرد عليه أحد بالثناء فوجد في نفسه خيبة فقد رآءا.
وكذلك فقيهنا المرجع.. يقول بعد إجابته على سؤال أو تحليله لمسألة أو مداخلته لأمر… :( تراني ما أعرف واجد في المسألة… بعدكم شوفوا أهل العلم… بو عندي ما يترس محارة… ) والقصد استدعاء المديح.
ولو رأينا ما فعله غيرنا من خير وتقدم وعلم لما حككنا أذننا أمامه حياء… هنالك من يعملون على مستوى الفرد وفي شهر يحققون ما لم تفعله الجماعات مجتمعة في 12 شهرا، وكم من عالم مجهول بين ربعه ترجح كفته على العشرات ممن يظهرون على السطح بسطحيتهم ويزعم عليهم بالعلامة.
العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسول الله، قال الله تبارك وتعالى:
{ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا} ذكر ذلك في معرض الإنكار،
و عجب الإنسان بعمل هو مخطئ فيه كإعجابه بعمل هو فيه مصيب دل على ذلك: {وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
ومن الأحاديث :(ثلاث مهلكات; شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه)، وحذر الصحابي ابن مسعود من العجب فقال: "الهلاك في اثنتين القنوط والعحب"...
قال الإمام الغزالي في تحليل قول ابن مسعود: وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعحب يعتقد أنه قد سعد، وقد ظفر بمراده فلا يسعى.
نسأل الله أن يعيننا على أنفس زلقة كهذه تعلف من خبث الأنا.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
0 coment�rios: