الاثنين، 11 أبريل 2016

حديث الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):

#حديث_الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):

إن اجتازوا النهر سلموا وإن جرفهم التيار هلكوا، ومما يرويه تراثنا المشّرف أن زفة عرس تعرضت - وهي في طريقها - لأمطار نشطة سال عقبها واد بين قريتي العروسين ذلك أثناء تخطي الزفة الوادي، و شبابيك الليل تنثر عناكبها السوداء … فهرب الناس لينجوا بأنفسهم وتركوا العروس المسكينة في حالها البائس، فلجأت هي الأخرى إلى مأوى رأته يضمن لها البقاء و يرتشف عنها الفزع بعد أن تخلى عنها هرع الهارعين. فارتمت بنفسها في كوخ صغير فيه شاب و شمعة و مصحف، اندهش الشاب مما أقبل عليه دون سابق موعد… فتاة حسناء في أوج زينتها، في ليلة دلجاء، في كوخ صماء… وبشفتين متلعثمتين وقلب يرجف ونفس متمزق أفصحت الفتاة عما جرى لها وطلبت من مروءة الشاب أن تستر شقوتها وتأوي وجلها حتى يخدع حالها وتعود إلى حمى أبيها آمنة مطمئنة… هي فرصة لأهل الفحش أن يلطخوا صحائفهم بالفساد، غير أنها فرصة لأهل الطهر أن يبيضوا صحائفهم بالتقوى، وما تنتظر ممن أخلصه تقواه إلا نخوة النزهاء، وكرامة الصلحاء، فباتت ليلتها في كنفه مصونة عفيفة، في حماية أخ تقي شهم غيور، تسنه عيناها على تسابيح ذكره، وتهنأ روحها على تراتيل قرآنه حتى بلج الفجر أنواره، فأوصلها إلى بيت أبيها كريمة شريفة طاهرة تقية. شكره الأب بعد أن اطمأن على شرف عزيزته، ولكنه كان متعجبا من عادة كان يفعلها طول الليل قد تعجبت منها ابنته ولم تجد لها تفسيرا، وهي أنه كان يدخل إصبعه في نار قنديله طوال الليل عند تهجده، فأجابه التقي الورع أنه كان يحذّر نفسه من نار جهنم إن وسوست عليه بسوء فهذه نار الدنيا لم تطقها فكيف بنار لظى نزاعة للشوى… تلك رجولة شبابنا التي تتشرف بها بلادنا، وقد رأيت الكثير منهم في زماننا، تسعد بهم النفس وتفتخر ويطمئن بهم مستقبل دينهم وبلدهم - بارك الله في نخوة إيمانهم وحفظها في أهلهم وذريتهم. 
حديث الاثنين | الحلقة 128(عصمة الشباب بين ضفتي نهر):

لكني سمعت برجال أشباه رجال ليس لهم هم إلا الحرام و قد بلغ بهم فسادهم أنهم يتظاهرون بالمروءة ليقضوا مآربهم… اتصلت أخت بأخيها أن امرأة صدمت سيارتها، فهب لمساعدتها وتظاهر بمروءة مزيفة لأجل إعفاء المرأة من تصليح السيارتين، فزوّر الحادث بأن أخته الغلطانة ليكسب تأمين سيارتها الشامل لإصلاح السيارتين، وهذا غش كبير واختلاس، وأما الغش الأكبر أنه انتهز ضعف المرأة المادي والمعنوي لأجل الإيقاع بشرفها، ثم ما لبثت أن حملت منه، فارتكبا الفساد الأعظم أن قتلا الجنين في أحشائها بالإجهاض تسترا على جرمهما. 
لا تعجب عزيزي القارئ فهذا نموذج بسيط إذ أن قائمة هؤلاء الحثالة تطول وهو تيار نهر أسود جرفهم كما جرف غيرهم إن لم يردعهم رادع فينتهي بهم الحال إلى مصب سحيق والعياذ بالله، حتى أصبح أحدهم يقول: لن أتزوج إلا قبيحة الوجه لكي لا يطمع بها أحد. فهو يظن بسوابقه المشينة أنه لا توجد امرأة نزيهة، وقد خاب ظنه، فالشريفات تملأ الدنيا ولن يدلسهن شرذمات. 
نسأل الله التقوى والعفاف والستر.  اللهم آمين

✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله


لمتابعة حلقات #حديث_الإثنين على مدونة #الأبجدية

(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: