الاثنين، 12 مايو 2014

الحلقة 33: تابع لموضوع (صاحب رسول الله):

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 صباحكم قراءة وتأمل.. صباحكم صداقة ووفاء
في حلقتنا والتي تحمل رقمها 33 نكمل ما بدأناه في الحلقة الماضية في حديث الاثنين 

إنه الرجل النحيف لكن الدنيا أكثر منه نحافة أمام حماسته الحكيمة؛ فالبحر على عرضه يغذيه النهر رغم نحولته فمن يستطيع أن يجابه أقوى أمبراطوريتين عظيمتين كروسيا وأمريكا بدولة فتية إلا بحنكة إيمانية ﻻ تنبغي إﻻ ﻷساطين الخالدين، إنه بذينك القرارين المفصليين توسع إشراق العين لﻷرض من الشرق إلى الغرب، فحضي التاريخ بمسار آخر كان أكثر حيوية على رسليها سجدت جباه الأمم للواحد الديان، وتمحورت اﻷخلاق على عبائة نبي الرحمن.
لكن همه المكثف في الفتوحات وشغله الملتهب في الحكم واختناقه بنوازل المسائل، لم يثنه عن خدمة الضعاف بيديه النحيلتين، فقد كان يخدم عجوزا مقعدة بكنس بيتها وحلب شاتها بل كان يمضغ لها الطعام حتى يصير لعجيها العاريين لينا، ذلك الفعيل جعل الفاروق يسقط على ركبتيه اندهاشا " لقد اتعبت من جاء بعدك يا أبا بكر"، وللأسف نجد سدنة الغرب من المسلمين العرب يوعزون أمثالهم من غير تراثنا المشرق إذ يلهج لسانهم" أن الرئيس اﻷمريكي يجد ساعة من وقته يلاعب كلبه" فتفكروا في سعة الهوة الانهزامية هذه. 
لقد أعد النبي -صل الله عليه وسلم-أكتاف الصديق إعدادا لحمل أعباء الدعوة الخيرة بعده وهكذا ينبغي على اﻷمة أن تهيئ لديموميتها المرتضى من الرجال، لذلك أبى أن يأم الناس أثناء مرضه سواه، ففي يوم مدت السماوات خيامها لتعازي مصاب الوجود وهو موت حبيب الرحمن وخليله عليه الصلاة والسلام، نزل الخبر على أباريق اﻷفئدة كالصيب المغرق فما عادت وعاؤها تستوعب انسكابه إلا بالدهشة والحيرة واﻹنكار فدست عن عقولهم موازين الرأي، وظلوا في سباتهم حتى وصل الخبر صاحبه الذي تلقى الخبر كالصاعقة المدوية على أذنيه، ولكن الرجل كان مهيأ اليقين لتحديات اﻷقدار، و بعد تأكده من الخبر ورأى بعينيه المتدليتين جثمان صاحبه نثر وردتي شفتيه الزرقاوين على جبهة حبيبه البيضاء، ثم انبرى لمهمته واعتلى منبره ناسفا العواطف الرعدية بأوتاده اﻹيمانية مقررا أنه: "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي ﻻ يموت... وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ..." فهنالك صعد معدن رسول الله في أرضية أبي بكر إذ ﻻ مجاملة أبدا مع توحيد الله رغم أنك ﻻ تحيد جازما أن أبابكر كان أصدق المتأثرين فقد كشف سر موته رضي الله عنه أمين سره والعارف بحاله وهو عمر الفاروق-رضي الله عنه- قال: "أتدرون ما الذي أمات أبا بكر... إنه موت رسول الله".
 نعم إن حزنه لفراق حبيبه كان عليه كاﻷرضة تنخر جسده العاشق حتى ألقته غريقا في لجة عشقه النبوي الرباني، وقد كان جسده المنهك يتحين أدنى فرصة مرض ترديه صريعا فمات بسبب نزلة برد بسيطة داهمته بعد غسل، فمات ألطف الناس بالناس بعد نبي الإنسانية رضي الله عنه وأرضاه.
وباﻹخلاص لسمو مبادئكم أختم:
 ( إنه إن كان عملاق اﻹسلام عمر على عظمته هو مجرد شعرة في صدر الصديق فكيف بعظمة الصديق، وإن كانت عظمة الصديق كشعرة في صدر النبي فكيف بعظمة النبي، وإن كان النبي شعرة في صدر عرش رحمة الرحمن جل جلاله فكيف بعظمة رحمة الرحمن، فسبحان من { ليس كمثله شيء وهو اللطيف الخبير}، 
وسبحان من{ﻻ تدركه اﻷبصار} وسبحان من خلق محمد المختار).

بقلم: أبي عبدالرحمن سامي بن محمد بن حامد السيابي.




الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: