الاثنين، 15 سبتمبر 2014

الحلقة 51 ( المعاني الوجدانية للتلبية):

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوتي الأكارم ..
ونحن على عتبات أيام الحج وإستعداد الحجيج لزيارة بيت الله الحرام، فهاهو حديث الاثنين يواكب تحركات الحجاج في حلقته 51 حيث يسمو بروحهم إلى معرفة (المعاني الوجدانية للتلبية):
لبيك= (لبى + هو + ي + ك ): (لبى) صيغت بالفعل المبني للمعلوم، وبالفاعل المضمر (هو) و لم تصغ على (لبيت) بتاء الفاعل المتكلم الدال على [اﻷنا]، فكأنك تملصت من ذاتك لتخاطب الله عن شخصك وما تطويه نفسك من آثام متوسﻻ بقربان العبودية لله، فكأنك تقول: يا رب إن هذا العبد جاء منصاعا لندائك. و صيغت بالفعل الماضي لتحقق التلبية وما تتضمنه من انقياد محض خالص امتثل سلفا بين المريد والمراد، فالمضارعة أو تسويفها المستقبلي شبه عاريين من ضمان الوقوع و حلول إمكانيته بين التجرد و الوفاء. (الياء) تفيد مضاعفة التلبية( لبيك لبيك) و بها إمعان التأكيد ومبالغته، مع أن الياء لذاتها أداة للخفض للنصب أو للجر و كﻻهما معنيان ينسجمان مع انبساط الخضوع لهيبة الله و الانكسار لكبريائه والخشوع لعظمته والإذعان ﻷوامره و نواهيه. (ك) ضمير إشارة لله أفادت الخطاب المباشر بين العبد وربه، فضمير الغائب أقل تفاعل منها، و بناؤها الفتح في محل نصب على المفعولية؛ والفتح يضمر البد اﻷوفر، والنصب دنو للجني المبهر.
اللهم = (لفظ الجلالة "الله" + أداة النداء "هم"): لفظ الجلالة "الله" علم على اﻹله المعبود بحق، أصله "إله" دخلت عليه "أل" التعريف ثم حذفت همزته وأدغم اللامان. 
و (هم) أداة نداء أدغمت على اﻵخر ليتفرد بها لفظ الجلالة "الله" عن سائر أسمائه الحسنى و تفردت به، وتفردها النوعي يكمن أيضا في تعقبها للمنادى ﻻ تصدرها إياه ﻻ كعادة أدوات النداء؛ إجلاﻻ لقدر الاسم اﻷعظم المتفرد باللألوهية، فأتت التلبية على متن هذا المعنى لمحضية التوحيد وقدسية المعبود.  
ودعونا نغزل خيوط المدلول اللغوي هذا بزهرية الحج، فالحج آخر الأركان بعد الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم، بعد أن ارتعت النفس من روضات انتقيت منها الشهوات وصفيت اﻷهواء لتخلص بنفس ذات تربة خصبة تنتظر الغرس التشريعي وإن تغشت عنها غاياته. 
إنك إن تصفحت سجل المناسك لتجدن طرائقها مبرقعة عن اﻹدراك، من طواف حول أحجار ثم رمل بين صخرتين ثم نتف للشعر ثم رمي أحجار بأجار ...، وترى الانصياع في التطبيق والانقياد في اﻷداء قد استوفى كماله وتزاحمت عرصاته بالاتباع اللامتناهي لنداء الله ﻷناس تعددت مشاربهم وتنوعت لغاتهم ولهجاتهم و تمايزت ألوانهم وتباينت أشكالهم واختلفت فجاجهم ولكن قلبهم على قالب واحد و وسلوكهم على متن مقطورة واحدة ﻻ تدري من وجهة قاطرتها سوى الامتثال المطلق والانصياع المذعن باليقين التام لمراد الله الواحد اﻷحد. هنالك امتزجت قدسية الإله الحق بطلاقة التلبية الحق بين إله انبسطت رحمته فاستوعبت السماوات واﻷرض و معبود ارتوت غايته الروحانية من ذلك الانبساط. أبوعبدالرحمن سامي بن محمد بن حامد السيابي




الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: