حديث الإثنين | الحلقة 105 (قصة حاج على شفير الحدود) (ج3):
نعم عاد الجميع وبقى من بقى، ولكن العودة بلا حج تعني النكسة، وهي جرح موغل في الألم بعد فقد الأمل، عاد مع رفاقه بعد الغروب و كان الصمت المريع هو السلطان، لا تسمع منهم همسا سوى الخفقان، خفقان القلب المكلوم، لكنه حاول أن يطببهم بعسل القرآن، ويرقي دموعهم بسيرة نبي الرحمن يوم عاد من بيعة الرضوان،
** وكان قوله تعالى: ( ... وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) له ضمد خاص لا يعيه إلا مؤمن خالص، يتبين خلاصه في موقف رجرج كهذا.
** وذكّرهم:أنها منحة بعد محنة، وما يدريكم أنكم حصلتم أجر الحج بلا عج ولا ثج، ولربما فوت الله عنكم شرّا لا تدرونه، فاذكروا وقوع الرافعة وضحاياها، فما أصاب ما كان ليخطئ وما أخطأ لم يكن ليصيب، وهذه عقيدتنا. فلربما وعى الناس أنهم لو كانوا في الحج هل ينجون من حادثة منى، وقد تبين رغم ذاك أن ذلك المكان هو مسير إفاضتهم المعتادة.
** وكذلك أوضح لهم أمرا تحرز فيه ألا ينالهم الإحباط، فليست غاية الحياة منتهية عند حد، فترتكس به الآمال و توصد عنده الآجال، فالحياة تجارب، ومن جاهد وصل فإن لم يكن اليوم فغد أو بعد غد،
●>> ثم طلبوا منه دروسا في مسائل فقهية، و تربوية، وطلبوا منه تفسير سورة الفاتحة، ولم يكن ليرد طلبهم في ذلك الحال، وللمطالب ساعات جنيٍ استغلها من تفقدها، ولله الحمد وُفِق في مواساتهم و بذلك واسا نفسه بنفسه كعادته، فأمثال هؤلاء خُلِقوا للناس و صنعوا أنفسهم لله وحده.
ولكن ما لاحظه هو تغير جذري في أسلوب التعامل مع الناس من قبل الكثير من الدعاة، هو تغير إلى الأفضل لو قُرِن بما قبل خمس عشرة سنة، إذ كان بعضهم ينظر إلى الذين يخالفونهم مبادئهم أنهم عصاة استحقوا النار وبذلك استحقوا غلظ الحديث وجفاء اللقاء، بل يصل بهم الحال إلى التهجم عليهم ولمزهم و إهانتهم أمام الملأ، وكأن مفاتيح الخير والشر والجنة والنار بأيديهم، فتساووا بذاك مع أهل التبشير، وكانت نظراتهم الساحقة كافية في شرود الناس عن نهج الاستقامة، فكانت كالسكاكين الموغلة في القلوب -ولم يكن الإسلام كذلك حشاه- فالإسلام يدعوا إلى الحب والمودة والتؤدة والأناة بين الخلائق، و قد اختير قائده -عليه الصلاة والسلام - رحمة للعالمين، واصطفي شفيقا لهم ولحالهم، وكان تعامله مع الناس كافة مسلمهم وكافرهم، صالحهم وفاسقهم… من أرقى التعامل، وألطف الأساليب، وألين الحديث، وهكذا كانت وصايا الرحمن لأنبيائه ورسله، فقد وصى نبيه موسى-عليه السلام- أن يتّخذ القول اللين مناطا لمخاطبة أخطر رجل عرفته البشرية -آنذاك- في تعاليه على قومه، بل و مساومته على الألوهية.
>> وفي القرآن تنبيه في غاية الأهمية في التعامل مع الناس خصوصا فيما يخص دعوتهم ونصيحتهم ،
قال الله تعالى:(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ )
فإن كانت تلك الوصية لخير نبي على خير جيل(الصحابة)، فكيف بالدعاة اليوم مع باقي الناس؟.
أسفي أنّ هؤلاء لم يزيدوا الناس إلا نفورا بفقدهم حلقة الوصل بين الدعوة وتطبيقها الصحيح، وقد سكبوا بذلك الزيت على النار فزادت اشتعالا، وزاد الناس نفورا من الاستقامة، وفهموا أنها كحال تعملهم، غير أن الجيل الجديد(في غالبه) في أفضل حال، رغم أنه بحاجة ملحة لتعلم ركن أساس يقوم عليه الدين وهو الدعوة، لقوله عليه الصلاة والسلام(الدين النصيحة)، وهي عبادة و فريضة متروكة كما قيل عنها، وتعلمها مفروض بالضرورة، فممارستها بجهل أشد من تركها، ولا يعبد الله على جهل.
عموما ما زالت تنتظر الرجل الحاج مغامرة كبرى فانتظروا باقي روايته....يتبع
نعم عاد الجميع وبقى من بقى، ولكن العودة بلا حج تعني النكسة، وهي جرح موغل في الألم بعد فقد الأمل، عاد مع رفاقه بعد الغروب و كان الصمت المريع هو السلطان، لا تسمع منهم همسا سوى الخفقان، خفقان القلب المكلوم، لكنه حاول أن يطببهم بعسل القرآن، ويرقي دموعهم بسيرة نبي الرحمن يوم عاد من بيعة الرضوان،
** وكان قوله تعالى: ( ... وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) له ضمد خاص لا يعيه إلا مؤمن خالص، يتبين خلاصه في موقف رجرج كهذا.
** وذكّرهم:أنها منحة بعد محنة، وما يدريكم أنكم حصلتم أجر الحج بلا عج ولا ثج، ولربما فوت الله عنكم شرّا لا تدرونه، فاذكروا وقوع الرافعة وضحاياها، فما أصاب ما كان ليخطئ وما أخطأ لم يكن ليصيب، وهذه عقيدتنا. فلربما وعى الناس أنهم لو كانوا في الحج هل ينجون من حادثة منى، وقد تبين رغم ذاك أن ذلك المكان هو مسير إفاضتهم المعتادة.
** وكذلك أوضح لهم أمرا تحرز فيه ألا ينالهم الإحباط، فليست غاية الحياة منتهية عند حد، فترتكس به الآمال و توصد عنده الآجال، فالحياة تجارب، ومن جاهد وصل فإن لم يكن اليوم فغد أو بعد غد،
( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
كانت تلك الآيات كاليد الناعمة حطت على الصدر الخفق، وما لغير القرآن سبيل سوى الاطمئنان وهو السكينة و الشفاء، فبه اطمأنت النفوس و سكنت الأرواح، حتى أن أحد العجائز اقترحت أن يتوجه ركبهم نحو أسواق… كي يتسوقوا للعيد بمبالغ الحج.●>> ثم طلبوا منه دروسا في مسائل فقهية، و تربوية، وطلبوا منه تفسير سورة الفاتحة، ولم يكن ليرد طلبهم في ذلك الحال، وللمطالب ساعات جنيٍ استغلها من تفقدها، ولله الحمد وُفِق في مواساتهم و بذلك واسا نفسه بنفسه كعادته، فأمثال هؤلاء خُلِقوا للناس و صنعوا أنفسهم لله وحده.
ولكن ما لاحظه هو تغير جذري في أسلوب التعامل مع الناس من قبل الكثير من الدعاة، هو تغير إلى الأفضل لو قُرِن بما قبل خمس عشرة سنة، إذ كان بعضهم ينظر إلى الذين يخالفونهم مبادئهم أنهم عصاة استحقوا النار وبذلك استحقوا غلظ الحديث وجفاء اللقاء، بل يصل بهم الحال إلى التهجم عليهم ولمزهم و إهانتهم أمام الملأ، وكأن مفاتيح الخير والشر والجنة والنار بأيديهم، فتساووا بذاك مع أهل التبشير، وكانت نظراتهم الساحقة كافية في شرود الناس عن نهج الاستقامة، فكانت كالسكاكين الموغلة في القلوب -ولم يكن الإسلام كذلك حشاه- فالإسلام يدعوا إلى الحب والمودة والتؤدة والأناة بين الخلائق، و قد اختير قائده -عليه الصلاة والسلام - رحمة للعالمين، واصطفي شفيقا لهم ولحالهم، وكان تعامله مع الناس كافة مسلمهم وكافرهم، صالحهم وفاسقهم… من أرقى التعامل، وألطف الأساليب، وألين الحديث، وهكذا كانت وصايا الرحمن لأنبيائه ورسله، فقد وصى نبيه موسى-عليه السلام- أن يتّخذ القول اللين مناطا لمخاطبة أخطر رجل عرفته البشرية -آنذاك- في تعاليه على قومه، بل و مساومته على الألوهية.
>> وفي القرآن تنبيه في غاية الأهمية في التعامل مع الناس خصوصا فيما يخص دعوتهم ونصيحتهم ،
قال الله تعالى:(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ )
فإن كانت تلك الوصية لخير نبي على خير جيل(الصحابة)، فكيف بالدعاة اليوم مع باقي الناس؟.
أسفي أنّ هؤلاء لم يزيدوا الناس إلا نفورا بفقدهم حلقة الوصل بين الدعوة وتطبيقها الصحيح، وقد سكبوا بذلك الزيت على النار فزادت اشتعالا، وزاد الناس نفورا من الاستقامة، وفهموا أنها كحال تعملهم، غير أن الجيل الجديد(في غالبه) في أفضل حال، رغم أنه بحاجة ملحة لتعلم ركن أساس يقوم عليه الدين وهو الدعوة، لقوله عليه الصلاة والسلام(الدين النصيحة)، وهي عبادة و فريضة متروكة كما قيل عنها، وتعلمها مفروض بالضرورة، فممارستها بجهل أشد من تركها، ولا يعبد الله على جهل.
عموما ما زالت تنتظر الرجل الحاج مغامرة كبرى فانتظروا باقي روايته....يتبع
بقلم | أبوعبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
للنشر رحمكم الله
0 coment�rios: