الاثنين، 20 يونيو 2016

حديث الاثنين | الحلقة 138 (الرد على منكري حقيقة الحور الحور... "الجزء1"):


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسﻻم على النبي المجتبى، وبعد؛ فهاكم وبالله التوفيق الرد على من ادعى بأن الحور العين ليست لما عرف عن غاية خلقها في الجنة، فهي كما زعموا فواكه أو صبيات مرشدات أو النفس (وتكون بضاعتي في الرد هي نفس اﻷدلة التي استخدموها: القرآن واللغة العربية والعقل):

حديث الاثنين | الحلقة 138 (الرد على منكري حقيقة الحور الحور... "الجزء1"):

قبل كل شيء ندين بأن الله جل جلاله:{لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون} الأنبياء:23، ويمتنع الحرج إن أحدث جدل يتقصد الدين وغايته والنصوص وتأويلها إلى غير ما عنيت له، ويكون الرد والنقاش في نقاط:

1.زعمهم أن وجود الحور للرجال فقط دون النساء ينافي عدالة الله:
الرد: إنه بالنظر إلى جبلة الحياء الذي تتطبع عليه النساء – كما هو معلوم – فإن الله الحكيم العليم لا يشوقهن للجنة بما يستحين منه، وأن شوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة – كما هو معلوم – فليس الذكر كاﻷنثى، ولهذا فإن
الله شوّق الرجال بذكر نساء الجنة مصداقا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - :(ما تركت بعدي فتنة أضر على
الرجال من النساء) أخرجه البخاري.
أما المرأة فشوقها الذي يناسب طبيعتها يكمن في الزينة من اللباس والحلي، وهو يفوق شوقها إلى الرجال لأنه مما جبلت عليه كما قال تعالى:{أومن ينشأ في الحلية} سورة الزخرف:18.

وقد ذكر الله -عز وجل- الزوجات للأزواج؛ لأن
الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة، وسكت عن الأزواج للنساء، وﻻ يقتضي ذلك أنه ليس لهن أزواج.. بل لهن أزواج من بني آدم لقوله - عليه الصﻻة والسﻻم:(ما في الجنة أعزب) أخرجه مسلم، وبما أن من جملة النعيم الزواج ومن جملة العذاب الأعزاب فالزوجة في الدنيا تتبع زوجها في الجنة والتي لم تتزوج في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما
تقر بها عينها في الجنة.. فالنعيم للجنسين.

2.قولهم أن الباء من {وزوجناهم بحور عين} تدل على عدم النكاح لقوله تعالى:{فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها} فهذه تدل على النكاح ....
الرد: هذه لغة عند العرب في قبيلة "أزد شنئوة" كما قال الفراء، و روى ابن سلام والكسائي أن "تميم" تقول: تزوجت امرأة وتزوجت بها... وبما أن اللغتين وردتا معا عند العرب الذين نزل بلسانهم القرآن على أحرفه السبعة فالأمران واردان وﻻ مانع من ازدواجيتهما؛
-فالتزويج يدل على النكاح ويؤكد ذلك قول مجاهد: أنكحناهم الحور.
-ولفظ الباء يدل على الاقتران والنكاح.... أليس هذا أبلغ للقرآن الكريم من حذف الباء في قوله تعالى:{وزوجناهم بحور عين}؟.

3. معنى(الحور العين): اختاروا لكلمة (حور) معنى "الرجوع عن الشيء إلى الشيء" ﻷنه يوافق مبتغاهم في الفاكهة ترجع إلى أصلها بعد أكلها لقوله تعالى:{هذا الذي رزقنا من قبل}...

الرد:
أ.معنى الرجوع مأخوذ من (الحور) بفتح الحاء وسكون الواو، وهو من (حار يحور حورا)، غير أن لفظة (حور) في اﻵية ليست من حار، وإنما من (الحور) التي هي بفتح الحاء وفتح الواو، وهو بمعنى "شدة بياض العين وسواد سوادها و استدارة حدقتها و ترقق جفونها مع شدة بياض الجسد"(تاج العروس للزبيدي باب:حنصر)، وهذا ما يوافق وصفهن بالبيض المكنون. ولو سلمنا جدﻻ أنها بمعنى الرجوع فذلك التسليم فيه منافاة لما استدلوا به من قوله تعالى:{هذا الذي رزقنا من قبل} فأصل (الحور) التي بفتح الحاء وسكون العين: هو "الرجوع إلى النقص"، (لسان العرب لابن منضور، باب:حور)، ومنه حديث عبادة :(يوشك أن يرى الرجل ثبج المسلمين قراء القرآن على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- فأعاده وأبدأه ﻻ يحور فيكم إﻻ كما يحور صاحب الحمار الميت) ؛ أي: ﻻ يرجع فيكم بخير وﻻ ينتفع بما حفظه من القرآن كما ﻻ ينتفع بالحمار الميت صاحبه.

ب.معنى (عين) عندهم هو عين الماء، فالفاكهة تتجدد كتجدد عين الماء...

الرد: نعم إن كانت جمع (عين) بفتح العين وسكون الياء، وهذه تجمع على "أعين وعيون"(المعجم الوسيط، لمجمع اللغة العربية)، غير أن(عين) بكسر العين هو "جمع عيناء" وأصله عين على فعل كما تقول حمراء وحمر فكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا فتشبه ذوات الواو ... ومن العرب من يقول: حير عين على الاتباع" (مشكل إعراب القرآن للقيسي).

إذن قولهم أن الحور العين هي الفواكه هو قول باطل وليس له أساس في لغة القرآن والصحيح هو أن الحور نساء جميلات في الجنة يجزى بها الذين عفوا أنفسهم عن الفواحش، فالمعنى المناسب والصحيح والذي ﻻ لبس فيه هو جمال عين المرأة في شدة بياض الجسد ودقة الجلد وبضاضة البشرة وصفاء اللون، يقول اﻷزهري: ﻻ تسمى حوراء حتى تكون مع حور عينها بيضاء لون الجسد، ويؤكد ذلك أنها في حرف ابن مسعود جاءت بلفظة {بعيس عين} وكذا قرأ منصور بن المعتمر في سورة الدخان، والعيس هو البياض ومنه قيل للإبل البيض: عيس، ومفردها بعير أعيس وناقة عيساء، قال امروء القيس:
《يرعن عن صوتي إذا ما سمعنه ... كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا》. قال الكميث: (ودامت قدورك للساعيين... في المحل غرغرة واحورارا)، والغرغرة صوت الغليان، والاحورار بياض اﻹهالة والشحم(لسان العرب لابن منضور، باب:حور) ولك أن ترجع إلى قواميس اللغة العربية التي اتفقت على هذا المعنى فانظر:(الزاهر للأنباري، والصحاح للجوهري، وتاج العروس للزبيدي ، ولسان العرب لابن منضور وغيرها من المعاجم العربية) التي بينت معاني ألفاظ القرآن ودﻻﻻتها... (يتبع في الحلقة القادمة بحول الله).

✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي  

للنشر رحمكم الله


لمتابعة حلقات #حديث_الإثنين على مدونة #الأبجدية




(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)

حديث الاثنين | الحلقة 138 (الرد على منكري حقيقة الحور الحور... "الجزء1"):
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: