الثلاثاء، 27 مايو 2014

الحلقة: 35 (من خديجة بنت خويلد إلى الأمة اﻹسلامية):

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عهد قطعناه على أنفسنا أن نجدد المواضيع بما يتلأم ومناسباتنا الدينية وها هو
حديثنا يتجدد في حديث الاثنين في الحلقة 35 بعنوان:
(من خديجة بنت خويلد إلى الأمة اﻹسلامية): 
من صاحبة المركز اﻷول على المستويين الرجالي والنسائي في اﻷمة المحمدية نتذكر طباشير التحديات البيضاء وهي تخط أول أسطرها على صبور الجاهلية السوداء، إنها السكن الذي مهدته اﻷقدار لتفرخ فيه الدعوة أول التضحيات إذ الثانية بألف والدقيقة بمليون، و وفاء النبي عليه السلام ما زال نضاحا من دفقه على
http://www.alabjadiah.net/2014/05/hadith35.html
جميلها حتى الممات، إذ كانت له اﻷم التي ﻻ تبخل على صغيرها بمعطفها حين يتساقع برد الشتاء، وكانت له الزوج التي تطبب عافيته من عافيتها الملساء، وكانت له الصاحب الذي يترك حصاده ﻷجل لملمة حصاد اﻷخلاء. لكنها اليوم ترقد على فراش السعف المتآكل، ومخدة الليف الخشنة، في مقاطعة مكة لبني هاشم أن فيهم من يقول ربي الله، تنام على كهلها وألم القسوة التي خلفها الحصار جمرا يحرق أضلاعها الملتوية، تتساقط من جبهتها أوراق الليمون المصفرة، وتذبل أزهار يديها على صحن صدرها اﻷبيض، ورغم ذاك كان أنينها ينشج على فراق حبيبها الذي لم تفارق وجنته وساد خدها، نعم فارقته وكان آخر كلمة للوداع ينطق بها دفء راحتيها المنسدلة على رهافة أذنه. 
هناك انطفأت شمس التضحيات لتنير شعلة ديمومتها قبسا لما بعدها. و في سكون المرتل ﻵي القرآن يتذكر الحبيب حبيبته كيف تبدلت زرقة السماء وتعكر طعم الماء وريح الماء، وتبدلت النسائم إلى رياح هوجاء، فمن سيغنم عليه قهوة الصباح القرنفلية ومن سينفض عن كاهله رماد وحشة المساء، ومن سيفتح له دوﻻب مشطها الخشبي ومن سيدلي عليه حقيبة عطرها الحمراء، في كل زاوية ببيتها تركت له صورة من عبق الحنان ينساها الدهر وﻻ ينسى صورتها البلسمية اللصيقة بوجنتيه، إنها المرأة المثالية للنبي اﻹنسان، الذي مزج بين الرسالة الدعوية وبين الوجدان، ففي يوم الفتح اﻷكبر بعدما انتشر من حوله الفاتحون لبيوتهم وأهليهم بفرحة النصر المؤزرة، نادته نسائمها المعطرة، فكان فؤاده كالطفل يشده من تلباب كمه نحو قبرها فهرع مسرعا يتبع أشواقه فضرب خيمته بجوار قبرها إذ ألح عليه قلبه المرهف أﻻ ينام ليلة وهو بمكة وتفصل بينهما الحيطان، إذ أنامل القلبين متشابكان ﻻ ينفصلان مهما طال بعد اﻷجساد وبعد الزمان، ظل يسقي شجرة حبه لها بغيرته التي تثور إذا انتهكت حرمات الله، إنه النبي اﻹنسان صلوات ربي وسلامه عليه، ورضي عن أمنا الغالية خديجة سيدة أهل اﻷرض وسيدة أهل الجنان، التي بشرها سيد الملائكة أن بيتها من قصب الماس بأعالي الفردوس. 
وإنما نسفيد نحن الطالبين عفو الله اﻵتي:
 1. تضحيات خديجة العظمى نموذجا لكل الدعاة، فقد واست أمين الدعوة بمالها ونفسها وحبها ولم تدخر عنه مقدار ذرة فنالت حبه وحب الله، ويكفيها فوزا، فمن منا يصل إلى ما وصلت؛ وعليه تحتاج الدعوة مزيدا من التضحيات.
 2. نعم فقد النبي الحضن الداعم له و لدعوته، ولكن الرب الذي وهبه إياها حيا ﻻ يموت وعليه أن ينصره بما شاء فهو رب اﻷرض والسماء، وعليه أيضا نصر المؤمنين فﻻ يأس.
 3. يمزج النبي بين حبه اﻹنساني وحبه الدعوي، فكل له نصيبه في حياته، عليه ﻻ نهمل حب أزواجنا وأوﻻدنا وأهلنا وأصحابنا فلا نهملهم ﻷجل الدعوة.
 4. حديثنا يأتي لمناسبة الإسراء والمعراج فلا نجعله حديث السمر دون استخراج درره المكنونة في عمقه، فلا نعود من أمسياتنا بخفي حنين.
 5. تجديد العرض لسيرة النبي بات أمرا ملحا فالبضاعة دسمة محتاجة لعرض سمين.
 6. إلى الشباب: ترون أن نبيكم وقدوتكم عف نفسه في شبابه فعفه الله تعالى بامرأة ملكت جميع مطالب الفطرة والعقل، فحازت سموا في الجمال والحسب والنسب والمال والخلق الذي أغنى النبي حبا و مودة وسكنا وعفة وراحة واطمئنانا، فعفوا أنفسكم عن الحرام يعفكم الله بطيب الحلال وﻻ تبدأوا نعمة الزواج بالمسيقى والرقص والفرق الماجنة، فذلك كفر بعد نعمة. اللهم ألف بين قلوبنا.

 📝أبوعبدالرحمن سامي بن محمد السيابي

الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: