الاثنين، 9 يونيو 2014

الحلقة 37 لنضحك قليلا:(النخوة السباقة):

حديث الاثنين الحلقة 37 لنضحك قليلا:(النخوة السباقة):  
          
قبل بدء العد التنازلي لرمضان، ومن باب(ساعة فساعة) و (إن الله ﻻ يمل حتى تملوا) واستلهاما من الحبيب الذي تبين نواجذه من ضحكه، نروض النفوس بشيء من الدهان المرطب لها من مواقف تبدو طريفة في مغزاها جدية في حقيقتها، مع أن الضحك (كما يقول الفقهاء) مؤطر بعدم السخرية من الغير وعدم الكذب.

كنت في مكة للعمرة وفي اليوم الثاني وفرت وجبة الريوق للأصحاب ثم حجزت لهم الغداء في مطعم يقصده العمانيون، ولمدى التفاهم بين رعاته وبين العمانيين كانوا ﻻ يطالبونا بالدفع إلى موعد الرحيل، وعندما كنت في المطعم دخل رجل غريب وبدأ بالتشاجر مع أحد موظفي المطعم، ثم تصاعد الشجار لدرجة الملاسنة فتدخلت للإصلاح دون جدوى حتى حمى الوطيس وأنا في الوسط فبدأ الضرب والمداحيل بينهما حتى تحول صدري وظهري ورأسي طبلا بين حماس العازفين ونشوتهما، أدركت عندها معنى المثل العماني:( كأنك خلاله فموخل)، فعز علي انطباق المثل فطوقت الرجل من تلالبيبه وحملته ﻷرمي به خارج المطعم، وانتهى الخناق بفوز ﻻ أحد. ثم استعدت هيبتي وهندامي كأن شيئا لم يكن،
ثم ذهبت إلى محل الاتصال الدولي لأطمئن أهلي على سلامة وصولي، وكان في استقبال المحل رجل يلبس ملابس الهنود فضلا عن شكله، وبدون تركيز وبسبب خروجي من معركة الفلوجة قلت له: "أنا يريد سوي تلفون مشان بلد"، فإذا بالرجل يرد ردا غير متوقع :" أنا أصلي أفضل من أصلك"، فاندهشت لصواريخ رده فتفكر فيه فعرفت أن الرجل ﻻ يقول ذلك إﻻ لكونه يمني اﻷصل فالعرب كما يقال من جنوب الجزيرة أو من شمالها، لكن الرد آلمني كما أن أسلوب حديثي آلمه فأجبته: " لو كان التقديم باﻷصل العرقي دون الخلقي لكنتم أفضل من رسول الله، و إن أكرمكم عند الله أتقاكم". ثم واصلت مسيري نحو الحرم الشريف فصليت الظهر وارتاحت النفس من
كدر الدنيا، فعزمت أن أنتظر ذهاب الناس للغداء لكي أطوف متنفلا على أمل تقبيل الحجر، وأثناء الطواف ﻻقيت امرأة تصرخ في وجه رجل والعرق يتصبب من جبهتها وهي  تقول له: "حرام عليك حرام عليك" فوقع في نفسي أنه تحرش بها فقبضت عليه قبضة الفار من عدالة الشرطة، وشددته إلي بقوة زائرا في وجهه "اتق الله أمام بيته... اتق الله" ولكن حماسي كان في غير محله فنظرت المرأة إلي والرجل امتزج بين الاستغراب والفضول ... فتساءلت لم المرأة لم تحيي دفاعي عنها ولم تقرصني نظرات الرجل ... فﻻ تفسير لذلك سوى أنها زوجة الرجل فسألتها على لهجتها :جوزك؟ . فردت :"آآآه هو جوزي". 
نعم أدميت وجنتي بطماط الحياء واعتذرت لفضولي عليهما  إن كان فضوﻻ وتركت يدي مشدودة على حظ ذلك اليوم العجيب وتركت الجوزين عفوا الزوجين يرفلان بحياة التفاهم المشعة في دوامة الطواف، 
 أكملت طوافي أن يمضي ذلك اليوم بسلام يشملني ويشمل جميع الشعوب النامية. ثم اتجهت صوب السكن والشوارع تقتظ بزحمة الناس والحافﻻت، كل يمضغ أحقيته على اﻷرصفة والطرقات، فإذا بحافلة كبيرة جنب الشارع تنتظر رجلا وامرأة مسنين لكي يحمﻻ (كرسيا بالعجلات) عبر سلم الحافلة المرتفعة، فأبت النخوة إلا أن تحمل الكرسي عنهما بلا استئذان، فنزلت علي دعاوي الشكر وردا كالذي ينثر على رؤوس الملوك، فتنفست النفس راضية بخير وآسا كل جراح أثعب بذلك اليوم العجيب، ثم لبثت غير بعيد ﻷجد صاحبا لي شاهد المشهد وهو مستنكرا فعيلي ويردد ماذا فعلت ؟، فقلت:" سبحان الله! هي النخوة يا رجل".
 فأجاب بغمه إن ذلك الكرسي مكتوب عليه وقف للحرم
أي أنه مسروق من قبلهما والذي أتم السرقة هو صاحب النخوة. 
  دمتم بخير
📝 أبوعبدالرحمن سامي بن محمد بن حامد السيابي
🌹للنشر رحمك الله🌹
الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: