حديث الإثنين | الحلقة 156 (يوسف العزيز -16- دخان الشك)
{وجاؤا أباهم عشاءا يبكون} من الغريب أن القرآن الكريم وصف بكاءهم بالبكاء الحقيقي ﻻ الكذب فلم يقل(يتباكون)، غير أنه وصف الدليل الذي أتوا به بالكذب{وجاؤوا على قميصه بدم كذب}، فمن عمق دهائهم أنهم بكو بكاءا حقيقيا ليوهموا أباهم بصدقم حتى قالوا{وما أنت بمؤمنن لنا (أي:بمصدق لنا تصديقا غيبيا) وإن كنا لصادقين}، تلك اللحظة التي هزت نبي الله يعقوب جعلته يتفطن فيمن وثق بهم ويمعن النظر فيمن ائتمنهم رعاية ولده الضعيف والمحافظة على سﻻمته، فكسر سهم مكرهم ودحض حجتهم الكاذبة ولكن بعد فوات اﻷوان.
فنحن المتأسون من سيرة اﻷنبياء كما أمرنا نفيد من هذه التجربة أمرين - ولربما أكثر لضيق البصيرة-؛
*فاﻷمر اﻷول*: إنه على القائد أن تكون لديه شيء من الدهاء، لسببين:
*اﻷول*: ليفطن من دهاء بعض أتباعه ومكرهم فﻻ يستغلون مقربتهم منه وعلمهم بميوﻻته فيأتونه من حيث يتوقع ضعفه أو غفلته.
*الثاني*: إنه قد يلجأ إلى الدهاء(السليم) للتخلص من عقبات تترصد طريق قيادته، وهذا ما فعله يوسف العزيز لتخليص أخيه بنيامين من حضيرة إخوانه، فهو فعل كما يقال في الفطنة: "فل الحديد بالحديد".
*اﻷمر الثاني*: ذلك الدليل الواهي والتزلف الصارخ الذي تمطاه العشرة و لم يسعف خداعهم جعلهم في محل شك دائم، فرغم أنهم سيأتوا على أبيهم مستقبﻻ بما حدث ﻷخيهم بنيامين من شهادة العير - لكن النتيجة أنه: لم يصدقم رغم حجم حجتهم.
وهذه تذكرني بقصة رجل كان معروفا بالسرقة، فحدثت سرقة في بلدته فأمر القاضي بالقبض عليه وإيداعه السجن للتحقيق، لكن تبين أن
السارق شخص آخر، فأنب الرجل القاضي، فرد عليه بأنه السبب ﻷنه جعل نفسه موضع شك دائم.
فالمشين بسلوكه يجعل من نفسه عرضة للشك وإن برئ منه، ومن هذا يحذرنا الله تعالى بقوله:{ وﻻ يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.
وحتى يتقي الإنسان أصابع الاتهام عن نفسه عليه أن يفطن لسلوكه فكما روى أبوعبيدة قال:"بلغني عن عمر بن الخطاب أنه قال: (من علمنا فيه خيرا قلنا فيه خيرا وظننا فيه خيرا ومن علمنا فيه شرا قلنا فيه شرا وظننا فيه شرا)،أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
{وجاؤا أباهم عشاءا يبكون} من الغريب أن القرآن الكريم وصف بكاءهم بالبكاء الحقيقي ﻻ الكذب فلم يقل(يتباكون)، غير أنه وصف الدليل الذي أتوا به بالكذب{وجاؤوا على قميصه بدم كذب}، فمن عمق دهائهم أنهم بكو بكاءا حقيقيا ليوهموا أباهم بصدقم حتى قالوا{وما أنت بمؤمنن لنا (أي:بمصدق لنا تصديقا غيبيا) وإن كنا لصادقين}، تلك اللحظة التي هزت نبي الله يعقوب جعلته يتفطن فيمن وثق بهم ويمعن النظر فيمن ائتمنهم رعاية ولده الضعيف والمحافظة على سﻻمته، فكسر سهم مكرهم ودحض حجتهم الكاذبة ولكن بعد فوات اﻷوان.
فنحن المتأسون من سيرة اﻷنبياء كما أمرنا نفيد من هذه التجربة أمرين - ولربما أكثر لضيق البصيرة-؛
*فاﻷمر اﻷول*: إنه على القائد أن تكون لديه شيء من الدهاء، لسببين:
*اﻷول*: ليفطن من دهاء بعض أتباعه ومكرهم فﻻ يستغلون مقربتهم منه وعلمهم بميوﻻته فيأتونه من حيث يتوقع ضعفه أو غفلته.
*الثاني*: إنه قد يلجأ إلى الدهاء(السليم) للتخلص من عقبات تترصد طريق قيادته، وهذا ما فعله يوسف العزيز لتخليص أخيه بنيامين من حضيرة إخوانه، فهو فعل كما يقال في الفطنة: "فل الحديد بالحديد".
*اﻷمر الثاني*: ذلك الدليل الواهي والتزلف الصارخ الذي تمطاه العشرة و لم يسعف خداعهم جعلهم في محل شك دائم، فرغم أنهم سيأتوا على أبيهم مستقبﻻ بما حدث ﻷخيهم بنيامين من شهادة العير - لكن النتيجة أنه: لم يصدقم رغم حجم حجتهم.
وهذه تذكرني بقصة رجل كان معروفا بالسرقة، فحدثت سرقة في بلدته فأمر القاضي بالقبض عليه وإيداعه السجن للتحقيق، لكن تبين أن
السارق شخص آخر، فأنب الرجل القاضي، فرد عليه بأنه السبب ﻷنه جعل نفسه موضع شك دائم.
فالمشين بسلوكه يجعل من نفسه عرضة للشك وإن برئ منه، ومن هذا يحذرنا الله تعالى بقوله:{ وﻻ يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.
وحتى يتقي الإنسان أصابع الاتهام عن نفسه عليه أن يفطن لسلوكه فكما روى أبوعبيدة قال:"بلغني عن عمر بن الخطاب أنه قال: (من علمنا فيه خيرا قلنا فيه خيرا وظننا فيه خيرا ومن علمنا فيه شرا قلنا فيه شرا وظننا فيه شرا)،أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
0 coment�rios: