حديث الإثنين | الحلقة 152 (يوسف العزيز -12-... الحذر من الدهاة)
{قالوا يا أبانا مالك ﻻ تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون، أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون}، بغض النظر عما يضمره إخوة يوسف من مكيدة، إلا أنهم كانوا على قدر من الدهاء، فذهابهم إلى أبيهم لم يكن فرديا وإنما في مجموعة، وبمجموعهم شكلوا قوة استطاعوا من خﻻلها اختراق عاطفة أبيهم فكما يقال: "الكثرة تغلب القوة" في كثير من اﻷحيان.
وكذلك استطاعوا إثارة ما يتوجه إليه اﻷب في تربية ولده وهو النصح {وإنا له لناصحون}، فأتوه من هذا الباب متعللين بإعماله من قبلهم وأنهم مشتركون مع أبيهم في تربية أخيهم وهذا يسد ثغرة الشك عما يضمرون من نوايا، ولعلهم أقاموا تمثيلية قبل طلبهم ليظهروا من خلالها ذلك تمهيدا للموافقة على طلبهم.
ويبدو من اﻵية أنهم دغدغوا إثارة أخيهم فوظفوا ميوله كطفل في حب الرتع في مروج المراعي واللعب بين أعشابها وغاباتها... {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب}، وهي ورقة ضغط استغلوها بدهائهم لدفع عجلة الموافقة.
ولما كانت عاطفة اﻷبوة جياشة على طلبهم تعللت تلك العاطفة بأخطار المحدقة على طفله الصغير وذكر منها أمر الذئب... فاستدرك دهاؤهم عاطفته بشيء من التزوير بأن كثرتهم وتآزرهم يشكلون قوة تفوق ما يحاذره {قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون}، ومسكين ذلك الذئب يتهم ويجرم وهو من دم ابن يعقوب براء، ولكنها الفتنة الضارية تحرق من حولها ليكون وقودا في اتساع لهيبها... وقد تجد نفسك في حيص بيصها وأنت ﻻ تدري من اﻷمر أملة.
إذن كل ذلك هو الدهاء، والدهاء محرم لرواية (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من دهاء)،
والدَهاء مصدر (دَهِيَ). وله معنيان معنى حسن وآخر سيئ، وكل معنى على حسب توجه صاحبه:
1.الدهاء الحسن: بمعنى بِتَبَصُّرٍ وَفِطْنَةٍ وَحِذْقٍ؛ وعليه فمن تمتع بدهاء كان صاحب (جَوْدَةِ في الرأي) وهذا يستقيم لمن وجه تبصرته في الخير وخدمته، وهو ما صنعه يوسف -عليه السﻻم- مع إخوته فيما بعد، لما جعل السقاية في رحل أخيه، فهو استفاد من تجربة إخوته غير أنه ضبطها بصمام اﻷمان.
2. الدهاء السيئ: بمعنى المَكْرٍ والاحْتِيالٍ، وهو المقصود من الرواية، وهذا ما قام به إخوة يوسف بقصد المكيدة، وبقدر دهائهم نالوا عقابهم... غربوا أخاهم فتغربوا عن أبيهم... وذلوا أخاهم فذلوا في مرعاهم، وهذا جزاء من نكل بأخيه ظلما، والله غالب على أمره.
تنبيه:
الرواية المذكورة "ﻻ يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة من دهاء" هذه الرواية سمعتها من أحد الدعاة من سنوات، غير أني بحثت عنها للتأكد من صحتها فلم أجدها في كتب اﻷحاديث، وقد نبهني إليها أحد المشايخ.
ولكن على أية حال ورد عن الدهاء ما رواه أبو هريرة(ﻻ يدخل الجنة من ﻻ يأمن جاره بوائقه) فبوائق جمع بائقة وهي الدهاء وهي الغوائل والشرور.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
🌹للنشر رحمكم الله🌹
{قالوا يا أبانا مالك ﻻ تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون، أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون}، بغض النظر عما يضمره إخوة يوسف من مكيدة، إلا أنهم كانوا على قدر من الدهاء، فذهابهم إلى أبيهم لم يكن فرديا وإنما في مجموعة، وبمجموعهم شكلوا قوة استطاعوا من خﻻلها اختراق عاطفة أبيهم فكما يقال: "الكثرة تغلب القوة" في كثير من اﻷحيان.
وكذلك استطاعوا إثارة ما يتوجه إليه اﻷب في تربية ولده وهو النصح {وإنا له لناصحون}، فأتوه من هذا الباب متعللين بإعماله من قبلهم وأنهم مشتركون مع أبيهم في تربية أخيهم وهذا يسد ثغرة الشك عما يضمرون من نوايا، ولعلهم أقاموا تمثيلية قبل طلبهم ليظهروا من خلالها ذلك تمهيدا للموافقة على طلبهم.
ويبدو من اﻵية أنهم دغدغوا إثارة أخيهم فوظفوا ميوله كطفل في حب الرتع في مروج المراعي واللعب بين أعشابها وغاباتها... {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب}، وهي ورقة ضغط استغلوها بدهائهم لدفع عجلة الموافقة.
ولما كانت عاطفة اﻷبوة جياشة على طلبهم تعللت تلك العاطفة بأخطار المحدقة على طفله الصغير وذكر منها أمر الذئب... فاستدرك دهاؤهم عاطفته بشيء من التزوير بأن كثرتهم وتآزرهم يشكلون قوة تفوق ما يحاذره {قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون}، ومسكين ذلك الذئب يتهم ويجرم وهو من دم ابن يعقوب براء، ولكنها الفتنة الضارية تحرق من حولها ليكون وقودا في اتساع لهيبها... وقد تجد نفسك في حيص بيصها وأنت ﻻ تدري من اﻷمر أملة.
إذن كل ذلك هو الدهاء، والدهاء محرم لرواية (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من دهاء)،
والدَهاء مصدر (دَهِيَ). وله معنيان معنى حسن وآخر سيئ، وكل معنى على حسب توجه صاحبه:
1.الدهاء الحسن: بمعنى بِتَبَصُّرٍ وَفِطْنَةٍ وَحِذْقٍ؛ وعليه فمن تمتع بدهاء كان صاحب (جَوْدَةِ في الرأي) وهذا يستقيم لمن وجه تبصرته في الخير وخدمته، وهو ما صنعه يوسف -عليه السﻻم- مع إخوته فيما بعد، لما جعل السقاية في رحل أخيه، فهو استفاد من تجربة إخوته غير أنه ضبطها بصمام اﻷمان.
2. الدهاء السيئ: بمعنى المَكْرٍ والاحْتِيالٍ، وهو المقصود من الرواية، وهذا ما قام به إخوة يوسف بقصد المكيدة، وبقدر دهائهم نالوا عقابهم... غربوا أخاهم فتغربوا عن أبيهم... وذلوا أخاهم فذلوا في مرعاهم، وهذا جزاء من نكل بأخيه ظلما، والله غالب على أمره.
تنبيه:
الرواية المذكورة "ﻻ يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة من دهاء" هذه الرواية سمعتها من أحد الدعاة من سنوات، غير أني بحثت عنها للتأكد من صحتها فلم أجدها في كتب اﻷحاديث، وقد نبهني إليها أحد المشايخ.
ولكن على أية حال ورد عن الدهاء ما رواه أبو هريرة(ﻻ يدخل الجنة من ﻻ يأمن جاره بوائقه) فبوائق جمع بائقة وهي الدهاء وهي الغوائل والشرور.
✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي
🌹للنشر رحمكم الله🌹
0 coment�rios: