الاثنين، 24 أكتوبر 2016

حديث الإثنين | الحلقة 154 (يوسف العزيز -14- غيابت الجب)

حديث الإثنين | الحلقة 154 (يوسف العزيز -14-)
{فلما ذهبوا به و(أجمعوا) أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم ﻻ يشعرون}

هذا اﻹجماع الذي عقد في مجلس مغلق ظل في أكمام كتمانه وتعاقبت عليه آﻵف السنين فتكشف بيانه للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أطلعه الله على خبايا اﻷمور الموغلة في التاريخ والموغلة في الكتمان ولم يكن ثمت ما يبزغها من سريتها إلا شهادة رب الوجود إلى نبي مرسل بحق فكان ذلك برهان على نبوته، وإثبات لرسالته، وحرز مدخر لبراءته مما سيتهم به أن 《ما جاء به هو إملاء من كتب السابقين》.

بيد أن هذه الخبر الدقيق وغيره من اﻷخبار المكتمة غير موجودة في كتب اﻷولين كما في إخباره تعالى مثلا عن أمر مريم:{ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وماكنت لديهم إذ يلقون أقﻻمهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}، وقوله:{وما كنت ثاويا في أهل مدين}، و{وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك}، {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى اﻷمر}، {وما كان لي من علم بالمﻷ اﻷعلى إذ يختصمون إلي إلا أنما أنا نذير مبين}...
حديث الإثنين | الحلقة 154 (يوسف العزيز -14-)

فهي تصب في دلتا الخفاء من عن علم نبينا وجهل قومه و غفلة أهل الكتاب {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت وﻻ قومك من قبل هذا} وفي قصة يوسف قال تعالى:{ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}.

وفضلا على إثبات النبوة فإن تلك القصص تهدف إلى تثبيت فؤاد النبي {وكﻻ نقص عليك من أنباء الرسل ما (نثبت به فؤادك)}، فذلك المكر الذي تكالبت عليه أحقاد إخوة يوسف مصيره إلى زوال وسيصبح محل حديث سمر فقط ﻻ غير، فاصبر يا محمد على جحود قومك ومكرهم كما صبر إخوانك من الرسل وامض في طريق اﻹصلاح مهما تطاول عليك نبيح المغرضين فإن نبيحهم ﻻ ينزل من رفعة سمائك.
وهكذا يتأسى المسلم الملتزم من كيد الناس ويوكل أمره إلى ربه، الذي سيأتيه بالنصر بشرى كما بشر الله عبده يوسف {وأوحينا إليه لتنبأنهم بأمرهم هذا وهم ﻻ يشعرون}.

✒أبو عبدالرحمن سامي بن محمد السيابي

الموضوع السابق
الموضوع التالى

كتب الموضوع بواسطة :

0 coment�rios: